رغم أن حرب غزة الأخيرة لم تكن الأولى، إلا انها خلفت هذه المرة تحولاً عميقاً في مسار قضية الاحتلال الأقدم على وجه الأرض، فلا شك أن الكيان الصهيوني قد اهتزت ثقته بصورة غير مسبوقة بعد حرب الـ11 يوماً، وباتت الأوساط السياسية والشعبية الإسرائيلية تتحدث عن ما تصفه بـ(توازن الرعب)، كما انكشف للعالم في الوقت ذاته حجم العنف والإرهاب الذي يمارسه الاحتلال بفضل التقنيات الحديثة ووسائل التواصل التي فضحت الإجرام والصلف الإسرائيلي، وحرمت حتى أصدقاءه من قدرة الدفاع عن عدوانه الغاشم.
غير أنه وسط هذا الركام، والصور المأساوية القادمة من فلسطين المحتلة، تبدو الظروف مواتية بشكل مثالي لإدارة عجلة السلام المتوقفة منذ وقت طويل، فلا شك أن جميع الأطراف -وعلى الأخص الطرف الإسرائيلي- قد أدركت بطريقة مؤلمة كلفة تجنب السلام، ورفض دفع استحقاقاته، وباتت تل أبيب وحلفاؤها على يقين من أنه لا سلام لإسرائيل إلا بسلام الفلسطينيين، ولا نهاية لهذه القضية المزمنة إلا بمنح الفلسطينيين حقوقهم التاريخية المشروعة كاملة غير منقوصة، وإلا ستستمر هذه الحلقة الجهنمية، فالنضال الفلسطيني مستمر ما لم تتحقق دولة فلسطين المستقلة السيادة وعاصمتها القدس.
يواكب هذا التحول، ملامح تغير مماثل في الموقف الدولي ولا سيما موقف واشنطن، إذ تبدو إدارة جو بايدن، أكثر ميلا لاستئناف مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، والضغط على حليفها الإسرائيلي بهذا الصدد، ورغم إدراكنا أن واشنطن ستظل الحليف الأوثق لإسرائيل، إلا أن هذا التغير الطارئ يمثل فرصة سانحة لإحياء عملية السلام المتوفية دماغياً، والعودة إلى مسار الحوار والتفاوض تحت سقف الحقوق الفلسطينية، ووفقاً لمبادرة السلام العربية، التي أثبتت وقائع عقدين من الزمن أنها الطريق الوحيد الموضوعي والعادل لإحلال السلام والأمن في الشرق الأوسط، فهل حانت لحظة العودة إلى طريق السلام؟.
http://www.alriyadh.com/1887306]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]