استراتيجية هيئة المكتبات التي انطلقت مؤخراً تؤكد أن الثقافة والفعل الثقافي والتنوير ليست ترفاً فكريّاً، بل صوغ فكر ومجتمع وتدشين حضارة، في مرحلة ذهبية تعيشها مملكتنا الحبيبة، من خلال تقديم الصورة الحقيقية لإنسان هذه الأرض الطيبة وتراثها وتاريخها؛ وأن الكتاب والمكتبات يمثّلان حاجة وجودية للمجتمع، يساهمان في بناء شخصيته وفكره وتحصينه بالمعرفة ضد الأفكار المتطرفة.
من هنا فإنه مازال الرهان على الكتاب والمكتبة كفضاء معرفي يتجدد في كل مناسبة، وأن لا شيء يلغي الذاكرة الثقافية التي تحتفي بالكتاب والمكتبة بشكل دائم مهما تعددت الوسائل والوسائط والأقنية، فالمعرفة تظل مطلباً إنسانياً مستمراً لا غنى عنه. ولذلك فإن اضطلاع هيئة المكتبات بهذا المشروع وهذه الاستراتيجية يأتيان تأكيداً على أن البقاء للمكتبة والكتاب والتفاعل بينهما وبين القارئ المتشوف للمعرفة والمهجوس بالثقافة وبالفعل الثقافي.
وتبقى المكتبات قادرة على جذب انتباه القراء، فهي تملك القدرة على منح مرتاديها متعة جمالية وفكرية، كما أنها تشكّل رافداً مهمّاً من روافد التغيير الشخصي الذي يسعى إليه عالمنا المعاصر، حيث تساعدنا على تنظيم شأننا الشخصي وإدارة إمكاناتنا الخاصة تحت مظلة تقدم حضاريّ يتيح لنا فرصاً عظيمة لا تتطلب المال بقدر ما تحتاج إلى المعرفة والكفاءة الشخصية التي تكتسب بالتعلم الذاتي عن طريق البحث والاطلاع والقراءة، والمكتبة في المنزل ومجاورة الورق الطريق الأجمل لتحقيق هذا العمل والهدف الخلاّق.
ولعل تأكيد الرئيس التنفيذي لهيئة المكتبات على أن مبادرة تطوير المكتبات العامة تستهدف تحويلها بيوتاً للثقافة يبرز أهمية هذه الاستراتيجية؛ إذ ستتحول فيها المكتبات منصات ثقافية تحتضن جميع الأنشطة الثقافية الموجهة للمجتمع، إلى جانب دورها الأساسي المرتبط بتنمية العادات القرائية وإثراء المعرفة، ورفع مستوى الوعي المعلوماتي.
كما جاء تأكيد الرئيس التنفيذي للهيئات على أن استراتيجية هيئة المكتبات تنطلق وفق رؤية جديدة صممت من أجل تحقيق الدور الرئيس للمكتبات وتحقيق الأثر الاجتماعي والاقتصادي المتوقع منها، وقد تضمنت مبادرات متعددة تخدم القطاع والشركاء وعموم المجتمع، وتعمل على تنمية القدرات، وضمان التعليم المستمر، وتطوير الأعمال، والابتكار، والاختراع وتنمية القوى العاملة. وضمان التبادل والتعاون الدولي المعرفي. كذلك ملمح مهم جرت الإشارة إليه في هذه الاستراتيجية وهو استنادها في بناء استراتيجيتها على عددٍ من المدخلات تمثلت في مراجعة أكثر من 110 وثائق محلية وإقليمية ودولية ذات علاقة، وإشراك عدد كبير من أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين من خلال المقابلات وورش العمل ومجموعات التركيز، والعمل مع خبراء محليين ومختصين وعدد من الخبراء الدوليين في قطاع المكتبات، وإجراء مقارنات معيارية مع 27 دولة؛ كل هذا يجعل الطموح الذي أعلنته الهيئة في مؤتمرها الصحفي مؤخراً مؤدياً لاستخلاص الدروس المستفادة، بالإضافة إلى تحليل تحديات الوضع الراهن.




http://www.alriyadh.com/1888161]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]