الاجترار النفسي داء لا يَسلَم منه إنسان، ضار وصعب مقاومته، فالإنسان بعد أن يصل إلى سن الرشد لا يكاد ينجو من التفكير في الماضي والمستقبل، عكس الطفل الذي يعيش حياة نفسية رائعة بأن يندمج في الحاضر تماما.
ما الاجترار؟ إنه أن تسترجع ذكرى أليمة، هذه الذكرى قد يكون مضى عليها أياما أو أشهرا أو حتى سنين، فتسترجعها وتتألم منها، وتسخط على من فيها من الناس أو حتى على نفسك أنك قلت شيئاً أو فعلت شيئاً، وتعيش هذه الذكرى بالتفصيل، فيهبط عليك الحزن والغضب، وتتمنى لو تعود للماضي لتصلح ما حصل، ولكن تدرك أن هذا غير ممكن، فتعود للذكرى مرى أخرى وتتخيلها بطريقة أخرى وقد أحسنت التصرف، وتقول: هذا ما كان يجب أن أقوله! ولكن الأمر لا ينطبق على هذه الذكرى فقط، بل يمر في عقلك موقف آخر حصل قديماً، وهكذا دواليك تأخذ في استرجاع واجترار الذكريات الأليمة وتجلب لنفسك الغم والكدر.
هذا هو الاجترار النفسي، وهو شيء لا يَسلم منه أحد تقريباً، غير أنه يتفاوت، فأكثر الناس يجتر لا شعورياً إذا مرّ بموقف يُذكّره بموقف أليم من الماضي، ولكن هناك من يجترّ الذكريات الأليمة بشكلٍ متواصل سواءً بسبب أو من دون سبب، وهذا باب ليس للحزن فقط بل لأمراض نفسية قاسية مثل الاكتئاب والقلق، وحتى جسدية كارتفاع ضغط الدم، وتدفع أصحابها للتعامل مع هذه الضغوط بطرق مُتلفة للصحة مثل الإفراط في الأكل أو تناول المواد الضارة ليتناسى هذا الواقع الموجع، والأسوأ أن الاجترار يعزّز الشعور بالعجز والضعف مما يزيد الألم فيصير الأمر حلقة مفرغة.
لن أقول لك أن تتجنّبه تماما، فهذا لا يمكن، وإنما إذا وجدت نفسك تمارسه فاصعد فوق نفسك ولاحظ ما تفعل، فكثيرا ما يكون مجرد الوعي هذا عاملا يخفف ببطء، وقانا الله شر الاجترار.




http://www.alriyadh.com/1888353]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]