يمّر العالم بمُتغيرات اقتصادية وسياسية وتقنية، هذه المتُغيرات إما أن تكون مُسرعات للتنمية في بعض الدول، أو تكون عاملا رئيسا لتخلفها وتقهقرها، ويكون الأثر أكثر سلبية عند أحُادية الدخل للاقتصاد الوطني. بعض الدول وضعت أهدافاً وخططاً وبرامج زمنية لتنويع مصادر الدخل، بناء على الميّزة النسبية أو التنافسية التي تملكها الدولة، أو عن طريق الاستثمار الخارجي في الصناعات والقطاعات الواعدة خارجياً.
إن للصناديق السيادية دورا محوّريا في تنويع وتعظيم مصادر الدخل للدولة، واستدامة تنميتها، ولحمايتها من المُتغيرات والأزمات العالمية، لذلك جرت العادة، أن تكون هذه الصناديق كبيرة الحجم، ومملوكة للدولة، تنشأ -غالباً- من فائض الأموال الناتج من الدخل القومي، ويتم استثمارها لتحقيق أكبر ربح مع أقل حجم للمخاطرة، حسب تقرير أصدرته مؤسسة SWF Institute نُشر العام 2020، بلغت قيمة جميع الصناديق السيادية في العالم ما يُقارب من 8.2 ترليونات دولار، وكانت أكبر عشرة صناديق تستحوذ على ما قيمته 5.7 ترليونات دولار، كما بلغ عدد الصناديق في العالم 121 صندوقاً، كان نصيب منطقة الشرق الأوسط منها 24 صندوقاً.
كان أول صندوق سيادي تم تأسيسه على مستوى العالم في دولة الكويت الشقيقة العام 1953، كما يُعتبر صندوق الاستثمارات العامة السعودي ثالث صندوق سيادي من حيث التأسيس (1971)، بعد صندوق جمهورية كيريباتي. أما أكبر صندوق سيادي من حيث حجم الأصول فكان صندوق التقاعد النرويجي بإجمالي أصول بلغت (1.07 ترليون دولار)، يليه شركة الاستثمار الصينية بما يقارب (941 مليار دولار)، أما صندوق الاستثمارات العامة فيأتي ثامناً على مستوى العالم بإجمالي أصول بلغت قيمتها نحو (390 مليار دولار).
جاءت رؤية المملكة ببرنامج صندوق الاستثمارات العامة، وتم صياغة استراتيجية ووضع مستهدفات للصندوق، فبدأ يعمل على تسريع عملية التحول الاقتصادي في المملكة، من خلال التركيز على عِدّة مجالات، يُعتبر مجال الاستثمارات العالمية والاستراتيجية المتنوعة، من المجالات المهمة جداً لاقتناص الفُرص في الأسواق الخارجية. لذلك نجد أن صندوق الاستثمارات السعودي استهدف واستثمر في شركات وصناديق، فكان دخوله -على سبيل المثال- في (صندوق الرؤية سوفت بنك)، والمشاركة في برنامج الاستثمار في البنية التحتية في الولايات المتحدة الأميركية، والدخول في صندوق الاستثمارات الروسية المباشرة، فكما أن هذه الاستثمارات تخلق أرباحاً، وتسهم في تنويع مصادر الدخل، وتقلل المخاطر من الاستثمارات الأُحادية، فهي أيضاً تُسهم في خلق علاقات وشراكات مع الدول مبنية على المصالح المُشتركة.
الاستثمار في الخارج مهم، والاستثمار في الداخل لا يقل أهمية عنه، فقد بدأ الصندوق في الاستثمار في 13 قطاعاً حيوياً واستراتيجياً، وهي: الطيران والدفاع والمركبات والنقل والخدمات اللوجستية والأغذية والزراعة، ومواد وخدمات البناء والتشييد، والترفيه والسياحة والرياضة، والخدمات المالية والقطاع العقاري، والمرافق الخدمية والطاقة المتجددة، والمعادن والتعدين، والرعاية الصحية، والسلع الاستهلاكية والتجزئة، والاتصالات والإعلام والتقنية، لذا نجد الصندوق استثمر -على سبيل المثال لا الحصر- في المشروعات الكبرى (GIGA Projects) مثل نيوم، والبحر الأحمر، والقدية، كما استثمر في إعادة التدوير، وتشغيل طائرات الهليكوبتر للنقل الخاص للرحلات السياحية، والتجارة الإلكترونية من خلال شركة "نون". هذه الاستثمارات تسهم في خلق فرص عمل نوعية، كذلك تأهيل هذه القطاعات بشكل نوعي وجودة عالية وفق أحدث المعايير العالمية.
يسعى الصندوق ليكون أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، حيث يستهدف أن تتجاوز أصوله 7.5 تريليونات ريال سعودي في العام 2030، هذه المستهدفات، والخُطى الثابتة والمدروسة، سوف تجعل من صندوق الاستثمارات العامة -بإذن الله- طوق النجاة من تقلبات أسعار النفط، والأزمات الاقتصادية العالمية، والكوارث الأخرى، كما سيُسهم في رفع مستوى جودة القطاعات الحيوية المستهدفة، وجودة الحياة للسكان المملكة، ويُعزز من الشراكات الاستراتيجية مع الدول المستهدفة.




http://www.alriyadh.com/1888989]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]