اعتمد سياسيون على كتّاب لصياغة خطبهم، وكتابة سيرهم الذاتية، وصياغة مخططات وأفكار على الورق، اشتهر من بين هؤلاء جورج بومبيدو الذي كان «الكاتب الشبح» للجنرال ديغول، وإيريك أورسينا الذي كتب للرئيس فرانسوا ميتران. لكن دائرة أشباح الكتابة اتسعت مع اتساع العالم وزيادة مشاهيره في عوالم أخرى غير السلطة ومنابر السياسة، مثل الفن والرياضة والأزياء والمال والأعمال.
وهذه الظاهرة قديمة، قيل أن شكسبير وموليير مثلا اعتمدا على كُتّاب أُسقطت أسماؤهم من التاريخ لأنهم كتبوا من أجل أجر معين. وقد أطلق عليهم لقب مقيت فيه الكثير من التحقير والعنصرية سابقا «زنوج الكتابة» قبل أن تأخذ التسمية صيغة معاصرة أكثر حفظا لاحترامهم «Gost writer» أو الكاتب الشبح، والتي تحيلنا إلى فيلم رومان بولانسكي الحامل لنفس العنوان والذي قام ببطولته كل من بيرس بروسنان وإيوان ماكجروير. الفيلم نفسه تم اقتباسه عن رواية «الشبح» للكاتب البريطاني روبرت هاريس.
ألكسندر دوما صاحب القصص الشهيرة «الفرسان الثلاثة» و»الكونت دي مونتي كريستو» وغيرهما، والذي كانت جدّته زنجية من رقيق إفريقيا، تعامل مع الكاتب أوغيست ماكي بسوط العبودية كما وُصف من قبل من كشفوا النقاب عن كواليس حياته الأدبية، فقد استغلّ دوما ماكي وآخرين لإنجاز رواياته الناجحة، وقد شاركوا بالقسم الوفير لصناعة بريق اسمه، لكن ماكي أوصل الأمور للقضاء ونال بعض حقوقه المهدورة، تفاصيل كثيرة عن هذه القصة التاريخية المهمة يرويها المخرج صافي نبو في فيلمه «دوما الآخر» (2010).
من متغيرات العصر أن الكُتّاب الأشباح لم يعودوا في الغالب يعيشون في الظلام، فقد خرجوا للضوء وأصبحت مهنتهم مكسبا كبيرا خاصة عند ظهورهم مع نجوم المجتمع في الحفلات والمهرجانات وغيرها من اللقاءات التي تتناقلها مواقع الإعلام والتواصل الاجتماعي.
إنّه وضع الروائي الفرنسي ليونيل ديروي الذي نال جوائز عديدة عن أعماله الروائية، واشتهر بسرد سيرة عائلته، لكن شهرته زادت حين أعار قلمه لبعض المشاهير مثل الممثل الفرنسي الكبير جيرار ديبارديو، وهو نفس مسار مواطنه دان فرانك الذي اختاره اللاعب زين الدين زيدان لكتابة مذكراته.
بالطبع لا أحد يصدق أنّ رياضيا، أو مطربا، أو عارضة أزياء، أو حتى «بيزنس مان» لديه ما يكفي من المتاع اللغوي والوقت لكتابة مذكراته أو سيرته، لكن كثيرين يذهبون في آرائهم إلى أن «استعباد الأقلام» لم ينته بعد، وأن «الكاتب الزنجي» تحسنت أوضاعه المادية فقط لكن أفكاره لا تزال تُسرق، وهذا رأي ينفيه أولئك الذين يوقعون بأسمائهم مذكرات أو سيَر من استعاروا أقلامهم، لكن الملاحظ اليوم فعلا أن عبودية كُتّاب الخفاء انتهت حين أصبح «زنوج الأدب أثرياء» وأفضل وضعا من الكُتّاب الذين يجدون صعوبة لتحقيق الثراء بمبيعات نتاجهم الخاص الموقّع بأسمائهم، الخوف الوحيد من أشباح الكتابة أن يطالوا بحوث الجامعات وهنا تكمن خطورتهم.




http://www.alriyadh.com/1889149]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]