لم يخالف الرئيس الإيراني المقبل إبراهيم رئيسي نهج أسلافه في استعراض النوايا الطيبة، والظهور بصورة رجل السلام والاستقرار، والحقيقة أن هذا ليس إلا وفاء لقيم النظام الإيراني القائمة على سياسة المواربة والنفاق، وادعاء النوايا الحسنة التي يظهر الواقع نقيضها على الأرض، ومع ذلك يصر هذا النظام وأتباعه على مواصلة هذه التمثيلية المملة.
غير أن ما يجعل تصريحات رئيسي أكثر فجاجة ممن سبقه إلى هذه الأكاذيب، يعود لطبيعة الرجل بذاته، فـ(قاضي الموت) الذي اضطلع بدور بارز في التنفيذ والإشراف على عمليات الإعدام البشعة للآلاف من السجناء السياسيين تطبيقاً لفتوى الخميني، سيكون حديثه عن السلام والوئام مشهداً عبثياً، وربما ساخراً أيضاً، فكيف لرجل ملطخة يداه بدماء آلاف الأبرياء من بني جلدته أن يضمر وداً للدول الأخرى.
رئيسي الذي فاز في انتخابات مرتبة كالعادة، وشهدت أدنى نسبة مشاركة شعبية، ليس إلا بيدقاً في نهاية المطاف، استدعاه مرشد الجمهورية على خامنئي ضمن المناورات الإيرانية المعتادة، للتلون حسب طبيعة التحولات الدولية، وقد وجد النظام الإيراني أن الإدارة الأميركية الجديدة ومن خلفها أوروبا تبدو مهادنة وأكثر ميلاً للدبلوماسية، فدفع بأشرس وجوهه لبعث رسالة للغرب مفادها أن المفاوضات النووية ستكون عسيرة وسيجدون طرفاً متصلبا في مواجهتهم، ومن المستحسن أن لا يتوقعون أي تنازلات مهمة من النظام الإيراني، وهو عين ما جرى في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، إذ يطمح خامنئي للحصول على هدية مجانية أخرى تتمثل في اتفاق معيب كالاتفاق السابق يطلق أيدي النظام الإيراني في المنطقة، ويمنحه قوة مالية تمكنه من رفد ميليشياته وأذرعه الإرهابية بالمال والعتاد، الأمر الذي سيرتد حتما على أمن واستقرار المنطقة، هذا الاستقرار الذي يزعم قاضي الموت حرصه عليه.
لا شك أن العالم سيتعايش مع نسخة أكثر تشدداً من إيران في ظل رئاسة إبراهيم رئيسي الموصوف من كثير من الدوائر السياسية بأنه الأشد تطرفًا بين رؤساء إيران حتى الآن، لكن من المهم هنا أن لا يكرر الغرب أخطاءه مرة أخرى، لا سيما وأن الأسلوب الإيراني بات مكشوفاً لتكرره مراراً، وسيبدو مريباً أن يقع العالم في الفخ ذاته مجدداً.
http://www.alriyadh.com/1892383]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]