يخوض العراق معركة مصيرية عنوانها السيادة، والحق أنها ليست معركة سهلة، ولا يتوقف على تداعياها مستقبل العراق وحده، بل إن تأثيراتها ستشمل المنطقة برمتها، فالعراق الشقيق الذي قدمه الغزو الأميركي لقمة سائغة لنظام الملالي في إيران، يكابد الدور المسموم لأذرع إيران، متمثلاً في ميليشياته الطائفية التي تقضم من سيادة العراق واستقلال قراره بصورة مخيفة، حتى بات على مقربة من تكرار النموذج اللبناني، الذي خلف دولة تقف على حافة الانهيار. لذا فإن الداء الإيراني الذي تمكن من جسد لبنان يستشري حاليا في بلاد الرافدين، وواجب الوقت أن تعمل الحكومة العراقية على مواجهة هذا الداء قبل أن يستفحل، ويتعذر علاجه كما في لبنان.
المشروع الإيراني في المنطقة ليس خافيا على أحد، والعراق يمثل درة تاج هذا المشروع، لذا فإن مواجهة هذا المخطط التوسعي العدواني في أرض الرافدين يكتسي أهمية استراتيجية كبرى، وهذا يفسر حالة الاندفاع الإيراني لحماية استثماره المذهبي هناك، فنظام الملالي يدرك جلياً أن خسارة العراق تمثل بداية تفكيك المنظومة الطائفية التي عكف على تركيبها لعقود، وما تكثيف الهجمات عبر خلاياه وأذرعه الولائية إلا محاولة ترهيب لأي حكومة تسعى لإخراج إيران من العراق، واستعادة سيادة العراق على أراضيه، وعلى مصيره.
بهذا المعنى فإن العراق يخوض أهم حروبه، وهو الذي استنزفته الحروب على مدى أربعين عاماً، لكن حربه هذه المرة لا تخاض بالجيوش وأدوات القوة فقط ولكنها أيضاً تتطلب استيعاباً لأهداف إيران، ووعياً شعبياً بمآلات المضي في طريق الملالي المفضي للهاوية، وقد أدرك الشعب العراقي العزيز هذه الخلاصة، وتجلى موقفه الوطني في ثورات متعددة تنادي بإنهاء التدخل الإيراني في شؤون بلاده، ووقف تأثيره المسموم الذي عطل قيام العراق، واستعادته لمكانته البارزة ضمن العالمين العربي والإسلامي، وتؤازر المملكة المساعي العراقية الوطنية لبسط نفوذ الدولة على كامل أراضي العراق، وتحقيق الاستقرار والرخاء، لإدراك المملكة أن استقرار العراق وأمنه هو مصلحة للجميع في المنطقة، باستثناء الأنظمة التي لا تتقن الاستثمار إلا في محيط الركام.




http://www.alriyadh.com/1893583]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]