الكثير يحنّ إلى الماضي، حتى الماضي القديم وحتى في دول غربية مثل أميركا، لكن من الخطأ التعامي عن مساوئ تلك الأيام، وأن نتخيل أنها أزمان البساطة والبراءة والراحة، وقد وضع الأميركي أوتو بيتمان كتاباً عنوانه "ما أسوأ أيام زمان!"، يحطم فيه النظرة العاطفية المبالغ فيها للماضي، ويذكّرنا أن له مساوئ لا نفكر فيها، منها:
التلوث: التقنية ليست شيئاً جديداً، بل ظهرت الثورة الصناعية قبل مئات السنين. كانت أميركا تكتظ بالمصانع التي ملأت الجو دخاناً، لكن بينما اليوم ندرك خطورته فإن الأسبقين أحبّوه لأنه رمز الحضارة لهم، وكان من العيب أن ينتقد الشخص هذا التلوث، فإذا تذمّر الرجل عدّوا هذا نقصاً في رجولته، بل إن غيوم الكربون والكبريت الخانقة تلك ظنوا أنها صحية!
والبعض اعتقد أنها تشفي من أمراض الرئة! أنواع أخرى من التلوث: شوارع مكومة بفضلات الحيوانات (خاصة الخيول) والتي تجذب الذباب الذي احتشد في كل مكان، أنابيب الصرف الصحي تسيح في الشوارع، وصف أحد زوار نيويورك المدينة أنها "كارثة أنفية".
غرائب: بعض المدن امتلأت طرقها بالخنازير، وأكثر من 450 ألفاً من هذا الكائن عبأت شوارع إحدى المدن -سنسناتي- ومدن أخرى، تحمّلها الناس لأنها تستهلك القمامة في وقت لم توجد فيه خدمة إزالة النفايات.

نفايات: اليوم هناك شاحنات التي تزيل النفايات، لكن آنذاك كانت تملأ الشوارع وتزيد معاناة الناس، الكثير كانوا يرمون النفايات في أي مكان، عربات الخيل تضطر أن تتوقف إذا صادفت كومة كبيرة في طريقها، زائر آخر وصف نيويورك بالحظيرة! هل تحب منظر البحر ورائحة النهر؟ إذن لو وقفتَ أمام أحد المرافئ الأميركية آنذاك لخنقتك الرائحة وأغمك المنظر، فالنهر غصَّ بالخيول النافقة والعربات المكسورة والآلات المتعطلة، وامتلأت السكك بالنفايات حتى صاروا يرمونها في الماء ويريحون بالهم. أيام زمان جميلة في بعض الأمور، لكنها لم تكن نعيماً خالصاً.





http://www.alriyadh.com/1896017]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]