يدعوني لكتابة هذا المقال رحيل الكاتبة الرائدة شريفة الشملان. لا يبدو سليماً أن يمر رحيلها دون أن أكتب عنها، أنا التي حين بدأت كتابة القصة سمعت اسمها يتردد على مسامعي مراراً وتكراراً، هي التي سبقتني في هذا المجال، وكانت علماً من أعلامه حين كنت أبدأ أولى خطواتي فيه. لم أعرفها، ولم أتقاطع معها، لكن هناك دائماً في حياتنا القدوة حتى لو لم نعرفه أو نتقاطع معه، وجود أحد قبلنا في الطريق، يذلل الكثير من المسائل، حتى على المستوى النفسي، فهو يعني أن الطريق مطروق، وأنه ممكن، وهذه هي ميزة الرواد، أنهم يهمسون لك، تعال، خضنا من قبلك ما تخوضه الآن، وهو متاح.
كتبت عن كثيرين لا أعرفهم، لمسوا روحي، وقدموا إبداعاتهم في مجالاتهم، لكنني في كل مرة أكتب أبحث عن ما يكشف لي بعضاً من حياتهم، وأفكارهم. أحب الاستماع إليهم وقراءة حواراتهم، لقاءاتهم، ما كتب عنهم. لذلك أظل ممتنة لبرنامجيْ؛ وينك والراحل، لأني اعتمدت عليهما في الكتابة عن عديد من الشخصيات. الكثير من البرامج الأخرى أيضاً تفعل ذلك، علي العلياني، مفيد النويصر، عبدالله المديفر، ياسر العمرو، كل منهم مبدع في ذلك، وأعتمد على برامجهم كذلك، لكن ميزة برنامج مثل الراحل أو وينك أنه يقدم الذين اقتربنا من نسيانهم. والميزة الأخرى الأهم، الوثائقي المقدم عن كل شخصية.
لم أخرج عن الموضوع، موضوعي هو، كيف نحافظ على أرشيف يقدم لنا حياة الأديب حين نحتاجها، من هي الجهة التي نستطيع أن نطلب منها ذلك. إنشاء موقع يؤرشف كل ما كتب الأديب، كتبه، مقالاته، بالإضافة إلى حواراته المكتوبة والمسموعة والمرئية. حين نسأل غوغل الآن عن اسم من الأسماء، يظهر لنا بعضاً من إسهامات المبدع، لكن، يغفل الكثير، وبعد عدة سنوات تختفي، سأذكر مثلاً شخصياً، أنا عندي جهل شديد بتقنية المعلومات، واللقاءات التلفزيونية التي قمت بها، أبحث عنها في غوغل كما الجميع، لا أعرف كيف أحتفظ بها في جهازي، وإذا سألني أحد أعطيتهم الرابط، لأنها ليست محفوظة عندي. وبعد مدة، حين تختفي من محركات البحث، سأختفي معها.
هذا ما أعنيه، يبدو هماً شخصياً، لكنني لم أفكر به سوى حين بحثت عن شريفة الشملان في غوغل، ولم يرد علي سوى ببضعة أسطر، لا يمكن أن تلخص حياة هذه الرائدة العظيمة. كل سطر منها حياة كاملة وحكايات مثيرة، أريد أن أعرفها ولا أعرف كيف.
سأنهي المقال بطلب، أن يقوم كل الأدباء وعائلاتهم وأصدقائهم وكل من يملك كتاباً لم يعد موجوداً في المكتبات بإرساله إلى المكتبات الإلكترونية بالصيغة المناسبة. إلى أن نجد جهة تتحمل عنا هذه المسؤولية.




http://www.alriyadh.com/1899898]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]