قد يكون من أسباب عدم حصول بعض المتفوقين على مقعد جامعي هو محدودية الطاقة الاستيعابية في بعض الكليات أو الجامعات التي تحظى بسمعة أكاديمية جيدة؛ ما يعني بحث رفع الطاقة الاستيعابية أو تأسيس كُليات حكومية جديدة بجودة عالية، وتشجيع القطاع الأهلي على إنشاء كليات خاصة
الثلاثاء المنصرم وصلتني رسالة من أحد الأصدقاء عن ابنته التي تخرجت من الثانوية العامة، يقول فيها: إن "نسبتها الموزونة 96 %، وحتى الساعة لم تحصل على قبول" في إحدى الجامعات السعودية، لأن طموحها أن تكون طبيبة!
قبلها ببضعة أسابيع، كنت في محادثة مع صديق آخر حول ابنته "المتفوقة" التي سجلت في عدة أماكن: أرامكو، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، جامعة الملك سعود، جامعة الملك عبدالعزيز، حيث قُبلت فقط في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، في "المسار العلمي"، رغم أن رغبتها كانت "المسار الصحي" لدراسة الطب.
هذان مثالان ربما من مئات الأمثلة في مختلف مناطق المملكة، لخريجات وخريجي الثانويات العامة المتفوقين، الذين لم يستطيعوا الحصول على فرصة الدراسة في التخصصات التي يرغبون فيها، وهو أمر يسبب الكثير من الإحباط للطلبة وعائلاتهم، ويشكلُ ضغطاً نفسياً لا يستطيع هؤلاء تحمله وهم في مقتبل العمر، فضلاً عما يبعثه من رسائل سلبية لمن هم أصغر سناً، ممن يستهينون بالتعلمِ، وحجتهم أنه لا فرصة للولوج في التخصص المرغوب الذي لم يستطع عدد من المتفوقين أن يحظوا به، فلماذا نرهق أنفسنا ونحن نعلم النتيجة سلفاً!
بالطبع، هذه الطريقة من التفكير لدى بعض الطلاب خاطئة، ويجب أن تصحح مفاهيمهم حولها، ليدركوا أن عليهم القيام بواجباتهم المدرسية، كي يتمكنوا من تحقيق ما عصي على الآخرين لأسباب وجيهة أو أسباب غير منطقية، لأنه يجب ألا يستسلم الجيل الجديد للمصاعب، وعليه أن يعمل بجد وصبر لتحقيق أحلامه.
الطلاب الكسالى أو غير المبالين، من الطبيعي ألا يحصلوا على مقعد جامعي؛ لكن أن يحدث ذلك للطلبة المتفوقين، فهو أمرٌ يدعو للدراسة الجادة والعاجلة من وزارة التعليم في السعودية، لمعرفة الأسباب، وتعديل بعض الأنظمة، ورفع الطاقة الاستيعابية للأكاديميات.
أحد هذه الأسباب التي كُتب عنها كثيراً، هو تطبيق بعض الجامعات لنظام الأولوية، وعدم قبولها للخريجين السعوديين من مناطق أخرى.. فيما جامعات سواها لا تطبق هذا النظام، وهو الأمر الذي يجعل هنالك تفاوتاً في الفرص بين طلاب المناطق المتعددة، فبعضهم تكون لديه فرص القبول في جامعات أكثر، وآخرون فرصهم محدودة!
هذا التفاوت يشكل عائقاً حقيقياً، والنظام الذي وضع على أساسه والذي يمنح كل جامعة الحق في التشريع وفق ما تراه، يجب أن يراجع، بسبب الضرر البيّن الذي أحدثه.
من حق الجامعات أن تنال استقلالية في تشريعاتها بما يحقق لها القدرة على التطور واستقطاب الكفاءات العلمية. ويجب ألا تكون هنالك سلطة مركزية تحد من سرعة وانسيابية القرارات؛ إلا أن هنالك مجموعة من الأنظمة يجب أن تُسن على المستوى الوطني، بحيث تمنح الفرص المتساوية أمام الجميع، دون أن تؤدي لأن تكون الأبواب مشرعة أمام طالب نسبته الموزونة 80 %، فيما توصد أمام من نسبته 95 % لأنه من منطقة أخرى.
قد يكون من أسباب عدم حصول بعض المتفوقين على مقعد جامعي هو محدودية الطاقة الاستيعابية في بعض الكليات أو الجامعات التي تحظى بسمعة أكاديمية جيدة؛ ما يعني بحث رفع الطاقة الاستيعابية أو تأسيس كُليات حكومية جديدة بجودة عالية، وتشجيع القطاع الأهلي على إنشاء كليات خاصة، تقدم منحاً طلابية للراغبين في الالتحاق بها، وتكون أسعارها منطقية للطلاب الذين يستطيع أهلوهم سداد أقساطهم الدراسية.
فقدان الفرص للمتفوقين ربما أيضاً أحد أسبابه أن هؤلاء الطلاب لديهم ثقافة معينة بأن الطالب المجتهد عليه الدخول في كُليات محددة، وليس عليه الدراسة في كُلياتٍ أخرى؛ وهذا أمرٌ مرده الثقافة العامة في المجتمع والمدرسة، وأمرٌ يحتاج لتوعية باحتياجات سوق العمل، والتخصصات المستقبلية، وكيف أن الخريجين أمامهم مجالٌ أوسع من مجرد دراسة الطب أو الهندسة أو الإدارة.
.. وللحديث بقية
http://www.alriyadh.com/1904573]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]