في الأيام الخوالي كان سكان الجزيرة العربية، ينامون الليل في فصل الصيف على السطوح، لذلك كان أفراد الأسرة يقومون برش السطح عند الغروب، لتكون الأرض باردة نسبيا، إذا صعدوا إلى السطح بعد العشاء استعدادا للنوم، وبعض هذه الأسر لا تكتفي برش السطح، لكنها ترش الفراش أيضا بعد بسطه على السطح! وبجانب الفراش تصف أحيانا أواني فخارية ملئت بالماء، لاستخدامها طالما هم ممدون أو جالسون فوق السطح؛ وعادة ما ينهض الجميع من النوم مبكرين، قبل أن ترسل الشمس سهامها، وهي سهام لا ترحم. وتبدأ المعاناة الحقيقية مع حرارة الطقس بعد النزول من السطح، معاناة تستمر عادة حتى بعد منتصف الليل، لأن المدينة المنورة، على سبيل المثال، حيث ولدت وعشت تميزت باستمرار الحرارة فيها طوال شهور الصيف، فإذا غابت الشمس أرسلت الجبال التي تحوطها مخزونها من الحرارة، ولا تخف هذه الحرارة ليلا، إلا في المناطق العالية، مثل قباء وشوران والعوالي وعروة؛ لذلك كانت بعض الأسر الميسرة تشتري، إذا أقبل الصيف، منتوج نخيل مزرعة من المزارع الكثيرة في تلك المناطق، حيث يصطحب رب الأسرة أسرته للاستقرار في المزرعة، حتى انتهاء فصل الصيف.
الرياض المدينة، على قوة حرارتها وجفافها، إلا أن طقسها في الصيف، يعتدل ليلا، فيكون نوم السطوح متعة وتزيد هذه المتعة إذا رش السطح بالماء عند الغروب؛ أما المعاناة الحقيقية في أشهر الصيف فإنها من نصيب السواحلية (سكان مناطق جدة والشرقية وجازان)، هؤلاء لا يستيقظ النائم من نومته على السطح، إلا وهو غارق في الماء أو العرق، لا فرق!، وكانت بعض الأسر للتغلب على تلك الموجات الحارة تستعين بشرائح الخيش، ببسطها وهي غارقة في الماء على الشبابيك، لترسل عند هبوب الرياح بعض النسيم العليل، شاهدت هذا الاختراع العجيب مبكرا في المدينة المنورة ثم في بعض قرى نجد، كان هذا يحصل حتى تم اختراع المكيف الصحراوي، والنسبة إلى الصحاري الأميركية التي اخترع هذا المكيف فيها ومن أجلها، وقد أخذ وقتا هذا المكيف العجيب حتى حط في ديارنا، وهكذا أصبحت المكيفات الصحراوية، في الثمانينات الهجرية معلقة في منازل علية القوم، في المناخة والسحيمي وباب قباء! وعندما وصلت الرياض في أواخر الستينات الميلادية كانت العديد من المنازل، تستعين بهذه المكيفات جنبا إلى جنب مع مراوح الريش التي تركض في السقوف، وكان يتعين على النائم تحتها عندما يستيقظ، الجلوس بعض الوقت قبل النهوض من الفراش، المراوح التي سبقت المكيفات الصحراوية كانت تقدم خدمات جيد للتخفيف من الحر، خاصة إذا بسطت قطع الخيش الغارقة في الماء على النوافذ الخشبية! لكن الفائدة الأعظم للتغلب على الطقس الحار، في المنازل والمكاتب ودور العلم، قدمها لنا نحن أبناء الصحراء وللعالم كله، المخترع الأميركي النابغة السيد "وليس كارير" مخترع أول جهاز تكييف فريون في العالم، بفضل هذا النابغة أصبحنا نتمتع بطقس لا أحلى ولا أجمل في عز الحر، لذلك علينا نحن أبناء الصحراء، كلما هل الصيف بلهيبه، تقديم واجب الشكر والامتنان للسيد كارير!




http://www.alriyadh.com/1906445]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]