عاش العالم الأسبوع الماضي اضطراباً اتصالياً بعد أن تعرضت شبكة فيسبوك ومنتجاتها الأخرى لانقطاع هو الأطول في تاريخها استمر لسبع ساعات. جاءت هذه الحادثة لتكسر حلقة إضافية من حلقات الثقة المهترئة بين هذه الشبكة وبين مستخدميها. إذ تواجه فيسبوك مؤخراً أزمات متتالية تعكر صفو علاقتها مع المستخدمين.
فالانقطاع الذي حدث سبقته زوبعة من الفضائح التي تسببت بها موظفة سابقة تعمل لديها انشقت حاملة معها سلة من الاتهامات للشبكة بوضع مكاسبها المادية فوق أي اعتبار أخلاقي وتسببها في العديد من الأزمات النفسية لمستخدميها بالإضافة لتمزيق النسيج الاجتماعي عبر استخدامها من قبل أحزاب وفئات لبث بروباغندا تخدم أجندات معينة.
كنت حريصاً جداً على متابعة ردود الفعل التي ستصدر عن فيسبوك لمعالجة أزمة العلاقات العامة التي تمر بها، خصوصاً أن ما حدث هو كارثة بكل المقاييس، فالعالم لا يعتمد فقط على هذه المنصة لوضع صورهم ومشاركة يومياتهم سواء على فيسبوك أو إنستغرام؛ بل إن الكثير من العمليات التواصلية الشخصية والخاصة بالأعمال تتم عبر منصاتها خصوصاً تطبيق واتس آب الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من أدوات التواصل بين البشر.
الكثير من الادعاءات والحقائق والمخاوف ونظريات المؤامرة صاحبت ذلك الانقطاع، خصوصاً أن خصوصية المستخدمين أصبحت على المحك وهم يعرفون أن بطاقاتهم الائتمانية وصورهم ومعلوماتهم وأدق خصوصياتهم ذهبت في ثقب أسود ولا يعلمون مصيرها.
الغريب أن إدارة فيسبوك لم تتعامل كما هو متوقع مع تلك الأزمة، واختارت نشر تعليق مقتضب قالت فيه: إن العطل سببه "تغيير خاطئ في إعدادات الخوادم التي تربط هذه المنصّات بمستخدميها، الأمر الذي تسبب في سلسلة من المشاكل أثرت على أدوات وأنظمة كثيرة نستخدمها داخلياً بشكل يومي، ما عرقل جهودنا لتشخيص المشكلة وحلها"، كما خرج متحدث الشبكة الرسمي نك كليغ في قناة سي إن إن ليستخدم الأسئلة التي وجهت إليه لصالح شبكته بدلاً من أن يجيب عليها.
"فيسبوك" تتكئ بشكل كبير على إدمان المستخدمين على منتجاتها، إذ يصل عدد من يستخدمون شبكة فيسبوك إلى 3 مليارات، فيما يستخدم إنستغرام مليار شخص، وملياران من نصيب واتس آب، وهذا يعني أن ما يقارب نصف سكان العالم يعتمدون على فيسبوك ومنتجاتها في عملياتهم الاتصالية اليومية.
لكن هذه الثقة المطلقة قد تهتز، خصوصاً أن المنافسين يتزايدون، والتحديات تتعاظم، وفي ظل اختيار هذه المنصة الاجتماعية لاستراتيجية "محدودية التفاعل" مع أزماتها إعلامياً، والتقاعس عن بث تطمينات ملائمة ومتواصلة؛ ستواجه فيسبوك مستقبلاً أزمة وجودية قد تضعف قدرتها على الصمود وربما تلاشيها إلى الأبد.
http://www.alriyadh.com/1912398]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]