والغيرة المهنية هي غيرة أصحاب المهنة الواحدة أو التخصص الواحد من بعضهم، وتعاني منها كل المهن والتخصصات مهما كان مستوى التعليم أو الثقافة، فشاهدناها بين أساتذة وأعضاء هيئة تدريس في الجامعات، وشاهدناها بين مهندسين وصيادلة وأطباء ومحاسبين ومحامين ولا فرق أبداً.
وتحدث الغيرة المهنية غالباً من فاشل غير منتج ضد ناجح مجتهد فيحاول الأول جاهداً إفشال مساعي الناجح والتشكيك في نجاحه وتكسير مجاديفه بدلاً من أن يحاول هو التجديف وتحقيق نجاح مماثل، وهنا تكمن الخطورة على الوطن وعلى إنجازاته، وهذا سبب اقتراحي بأن يتم رصد مثل هذه السلوكيات المحبطة بدقة ومحاربتها في كل وزارة ومؤسسة وفي القطاع الحكومي والخاص على حد سواء.
لا خير فينا - وقد مررنا بتجارب كثيرة ومتنوعة وفي مواقع مختلفة - إذا لم نحذر الوطن مما شاهدناه من أشكال هذه الظاهرة الخطيرة الضارة، فالاستفادة من تجارب المجربين أقل حق نقدمه لهذا الوطن.
أثناء ممارستي العمل الأكاديمي في الجامعة، شاهدت صوراً مخجلة من الغيرة المهنية من أساتذة يقللون من جهود زملائهم في مجال أبحاث علمية حققت نجاحاً عالمياً مشهوداً أو يحاربون نجاحات تعليمية مميزة لزميل مخلص أو باحث نذر نفسه لأبحاثه التي يجريها بنفسه وبدقة بالغة ونتائج تذهل العالم، بينما هم يوكلون البحث لمساعد شرق آسيوي ويجنون الترقيات بأقل جهد أو بدون جهد.
في المجال الطبي كاد أهم إنجاز طبي سعودي وأكثرها تميزاً ونجاحاً عالمياً وهو زراعة الكبد من متبرع متوفٍ أو جزء من كبد متبرع حي، كاد هذا النجاح الوطني أن يتوقف تماماً بسبب الغيرة المهنية والحسد، كما أن زراعة القلب وعملياته المعقدة عانت وتعاني من غيرة أطباء فاشلين يحاربون الناجحين.
في مجال الصيدلة، عندما بدأ مركز إنتاج الأمصال لسموم الثعابين والعقارب في إنتاج أمصال سعودية وطنية عالية الفاعلية بشهادة منظمة الصحة العالمية ومختبرات الدواء وطنياً وعالمياً وتمكنت الأمصال السعودية الخالصة من خفض نسبة الوفيات بسبب الثعابين والعقارب إلى الصفر للضحايا الذين وصلوا المستشفيات وحقنوا بالمصل، مارس أحد الصيادلة محاربة المركز في كل محفل علمي داخلياً وخارجياً وتحديداً في الجهة التي يعمل فيها مقللاً من نجاح منتجات المركز، لكن جهة عمله كان بها من فطاحلة الصيادلة المتمكنين، فعمدوا لعمل مناظرة علمية حول المنتج وفي المناظرة سألني سؤالاً غريباً لا ينم عن علم قائلاً: ما البكتيريا التي تعقمون المنطقة المعقمة من وجودها؟! قلت المنطقة المعقمة يجب أن تكون خالية من كل نوع من البكتيريا، بل ومن أجزاء البكتيريا يا زميلي، ولكن ما البكتيريا التي تعز عليك وتقصدها؟! فبهت ولم يجب!، عندها قلت: إنها بكتيريا الغيرة والحسد والحقد، وهذه سيعقمها وطني بحول الله.
http://www.alriyadh.com/1927239]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]