في رحلتي الأخيرة للمدينة المنورة لحضور "جائزة أمين مدني"، سكنت في فندق بحي راقٍ شمالي المدينة، تكثر فيه المساكن الواسعة والمحلات والمطاعم الفاخرة، وفيه حدائق وجادات للنزهة ورياضة المشي ونوادٍ اجتماعية، ما يجعله مقصداً لسكان المدينة وزوارها، وقد سكنت في هذا الفندق ذي الخمسة نجوم، ليس لأنني من علية القوم؛ ولكن لقربه من مقر المناسبة التي دعيت إليها، ولما يتميز به من هدوء، وتصميم معماري شرقي جميل، ولما تتميز به منطقته من سهولة في الحركة، مقارنة بوسط المدينة، التي تشهد حركة عمرانية وتنظيمية غير مسبوقة، وفي جميع الاتجاهات وعلى مختلف الصعد.
وكانت هذه المرة الثانية التي أسكن فيها في هذا الفندق، الفرق بين الأولى والثانية بدا لي في هذه المرة كبيراً، وقد أرجعته لتغير الشركة المشغلة؛ علماً أن الشركتين الأولى والثانية، تعتبران من الشركات العالمية الكبيرة المشغلة للفنادق حول العالم. حجزت للفندق من الرياض ومعي توصية أرسلت لي، كما أرسلت للمشاركين في احتفال هذه الجائزة الكبيرة الهادفة؛ أن هناك خصماً لمن يرغب في الحضور والسكن في هذا الفندق، يصل إلى نصف أسعاره المعلنة؛ لكنني حال نزولي في الفندق اكتشفت أن الخصم الذي منحته ليس مطابقاً لتلك التوصية؛ وعندما كلمت المسؤول عن هذه الملاحظة، وكنت قد دفعت ثلاثة أيام، خفضت الأجرة حسبما قيل لي! لكن المشكلة ليست هنا فقط؛ لكنها أيضاً في الإلحاح والملاحقة الهاتفية كل مساء، والتي دائماً مفادها، نجدد أم لا؟ رغم علمهم بمدة مكوثي؛ وقد لاحظت أنهم عند وعدهم باعتماد الخصم المعلن سكتوا عن الاتصال المعتاد، وكانت قد بقيت ليلتان على خروجي، عندما ذهبت ليلة سفري لإشعارهم بمغادرتي في الغد، طالباً تسوية حسابي، ودفعت في تلك اللحظة ما طلب مني وكان الوقت بعد صلاة العشاء، وأشعرت بتصفية حسابي حتى المغادرة في الغد؛ لكنني عند الخروج طلب مني تسديد مبلغ قيل إنه فروقات؟ لماذا لم تخرج هذه الفروقات مساء البارحة؟ المصيبة أن هذه الفروقات خفضت بعد مداولات، وإن كانت في النهاية تثبت السعر الذي بدأت به أيامي في الفندق، التي استمرت خمسة أيام!
في حياتي، وقد نزلت في فنادق كثيرة في الداخل والخارج، لم أجد معاملة فندقية مثل هذه؛ وهذا للأسف حصل في مدينة، عرفت الفندقة المنظمة، قبل أكثر من مئة عام، عندما افتتح "عبدالله محمد حمزة المدني" فندقاً على غرار فنادق القاهرة والأستانة (آنذاك) في حي "صيادة" في المدينة؛ وقبل ذلك كانت المدينة المنورة عامرة بالشقق المفروشة، ودور الاستقبال المخصصة لزوار المدينة، منها المستقلة، ومنها الموجودة في منازل المواطنين، خصوصاً في الأحياء المتاخمة للمسجد النبوي الشريف؛ بل إن سكان المدينة المنورة، ومن قديم الزمان كانت الزيارة أو استقبال زوار المدينة محط اهتمام أهلها، ومصدراً مهماً من مصادر دخلهم، حتى إن بعض سكان المدينة من كثرة اختلاطهم وتعاملهم مع الزوار، باتوا يتقنون أكثر من لغة!




http://www.alriyadh.com/1929516]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]