في الاستطلاع الذي أجرته شركة "بي دبليو سي" عن الشركات العائلية في الشرق الأوسط عام 2021، وشمل شركات سعودية، أكد 42 % من الشركات المستطلعة بأن الصراعات تحدث من حين لآخر، مقارنة بنسبة 33 % على مستوى العالم، بينما تحدث الصراعات بصورة منتظمة في 15 % من هذه الشركات، مقارنة بنسبة 7 % على مستوى العالم.
وأضافت شركة "بي دبليو سي" في استطلاعها إنه في حين لم تضخ العديد من الشركات العائلية في المنطقة استثمارات كافية في السابق في المجال الرقمي، فقد أضافت الجائحة تحديات جديدة، حيث كشف 75 % من الشركات العائلية أن المبادرات الرقمية والتقنية والابتكار أصبحت تمثل أولوية من الأولويات الرئيسة خلال العامين القادمين.
الشركات العائلية السعودية تتفاوت من حيث القوة والحجم، فمنها الناجحة والكبيرة التي تعمل بمنهج صحيح، ومنها ما يسير وفق عقلية "صاحب الدكان"، منهمكة في يومها، غافلة عن مستقبلها، تركز على التشغيل (فتح الدكان وغلقه) وتنسى الاستراتيجية (السيطرة على السوق)!
وكلما تعمقنا في أحوال الشركات من الفئة الأخيرة على المستوى الإداري والمالي والتقني، ندرك أننا أمام "دكاكين كبيرة" تفتقر إلى العمل بكفاءة واحترافية تضمن لها التفوق والاستدامة.
إداريا، تعاني هذه الشركات من العشوائية في العمل، ناسفة أبسط مبادئ وقواعد الإدارة، أبرزها احترام التسلسل الإداري، فتجد الموظفين أحيانا يتجاوزون مديريهم ويتواصلون مع "أصحاب الحلال"، أو تراهم يتواصلون مباشرة مع الموظفين مهمشين أدوار مديريهم.
هذه الشركات تميل إلى كثرة تشكيل اللجان لتعويض غياب القادة القادرين على اتخاذ القرارات وحل المشكلات، كما أنها ترزح تحت وطأة "الحرس القديم" الذين يسيطرون على مفاصلها، ويقاومون أي تغيير يهدد مصالحهم، ويأججون الصراعات الإدارية على مستوى مجلس الإدارة، وعلى مستوى الإدارة التنفيذية، لإبقاء الحاجة لخدماتهم.
ماليا، أكبر هاجس لدى هذه الشركات هو معرفة "كم دخلنا اليوم؟"، فهي تفتقر إلى التخطيط المالي وإدارة التدفقات النقدية، وتبتغي المزيد من الدخل دون التفكير في تنويع الاستثمار أو حتى تحسين ما تطرحه في السوق من منتجات أو خدمات.
تقنيا، هل يعقل ونحن في زمن التحولات الرقمية، أن ترى شركة تدير عملها من خلال الـ"واتس آب"؟ هو وسيلتها الوحيدة لإنجاز العمل والتواصل بين "أصحاب الحلال" والموظفين، فلا أنظمة، ولا بريد إلكتروني، ولا إجتماعات أسبوعية أو تقارير دورية.
إنني أشعر بالقلق حيال مستقبل هذه الشركات، فهي إذا لم تتمكن من تعزيز حوكمتها بوضع حدود فاصلة بين الملكية والإدارة، وتعزيز قدراتها الإدارية والمالية والتقنية، فقد لا تصمد خلال السنوات العشر القادمة.
لذلك، اقترح على وزارة التجارة وضع برنامج لتطوير الشركات العائلية، ورفع كفاءتها لمواجهة عواملها الخارجية (الفرص والمخاطر)، وعواملها الداخلية (جوانب القوة والضعف)، فنحن نريد "شركات عائلية" تدعم الاقتصاد الوطني، لديها القدرة على الاستدامة والصمود أمام صراعات الأجيال وتقلبات الأسواق!
http://www.alriyadh.com/1932472]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]