بصدور الأمر الملكي الكريم بأن يكون يوم 22 فبراير من كل عام، يومًا لذكرى تأسيس الدولة السعودية باسم (يوم التأسيس)، سيسطر ذلك لمرحلة تاريخية سنوية يتذكرها السعوديون والمقيمون الذين يعيشون على تراب وطننا الطاهر بجانب يومنا الوطني المجيد الذي يحل علينا في كل عام في الأول من برج الميزان الموافق ليوم 23 سبتمبر من كل عام، وهو اليوم الذي يستذكر فيه المواطنون السعوديون توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه).
إن الاحتفاء بيوم ذكرى التأسيس، يذكرنا ببداية مرحلة جديدة من مراحل الاستقرار الإنساني بمنطقة شبه الجزيرة العربية حينما قدمت قبيلة بنو حنيفة للاستقرار في المنطقة على ضفاف وادي حنيفة بقيادة عبيد بن ثعلبة الذي اختار حجر اليمامة مستقراً له ولعشيرته من عام 430 الميلادية، ومن بعدها ازدهرت لتكون من أعظم مدن اليمامة متزعمها آن ذاك ملك اليمامة في عصره: ثمامة بن أثال الحنفي صاحب القصة الشهيرة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وتعاقبت بعد ذلك الأحداث على شبه الجزيرة العربية وعاشت أزمانًا من الإهمال والفرقة والانقسام والتشتت حتى أن تأسست الدرعية على يدي الأمير مانع بن ربيعة المريدي (الجد الثاني عشر لمؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والجد الثالث عشر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والجد الرابع عشر لسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-) وذلك في عام 1446 الميلادية، ولقد كان لتأسيس الدرعية مثابة نقطة تحول سياسية بتطبيقها لنظرية الدولة المدينة المهيأة للامتداد مع الأيام.
وفي عهد الإمام محمد بن سعود تأسست الدولة السعودية الأولى في عام 1727 واتخذت عاصمة لها، واستمرت حتى العام 1818، وامتدادًا للدولة السعودية الأولى وبعد انتهائها تأسست الدولة السعودية الثانية على يدي الإمام تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود وصولاً للدولة السعودية الثالثة التي تأسست وتوحدت على يد المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود -طيب الله ثراه- في عام 1932 تحت مسمى المملكة العربية السعودية.
تجدر الإشارة إلى أن تحديد تاريخ يوم التأسيس، يرتبط وفق استنتاج المؤرخين بعدد من الأحداث التاريخية التي حدثت خلال فترة قبل وبعد تولي الإمام محمد بن سعود الحكم في الدرعية.
هذه الأحداث التاريخية التي مرت بها تكوين وتشكيل الدولة السعودية حتى يومنا هذا والتي امتدت على فترة ثلاثة قرون من الزمن، أرست أساساتها العريقة كدولة تنعم في المقام الأول بالأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي، ليدعم ذلك التقدم الاقتصادي والحضاري، بما في ذلك الاجتماعي التي تشهده البلاد في وقتنا الحاضر، وبالتحديد في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز ومساندة عضده سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهما الله-.
هذا الاستقرار السياسي الذي تنعم به المملكة العربية السعودية، والذي يعتبر ولله الحمد والمنة أعلى مستوى استقرار سياسي عربي في المنطقة، تُوج برؤية عظيمة وثاقبة، وهي رؤية المملكة 2030 والتي منذ انطلاقتها في شهر إبريل 2016، والمملكة تشهد تطوراً في شتى مناحي ومجالات الحياة، ليشمل ذلك الجانب الاقتصادي والجانب المالي للمملكة، بما في ذلك الجانب الثقافي والمعرفي وجوانب أخرى عديدة التي لها ارتباط وثيق بمظاهر الحياة المدنية والعصرية الحديثة.
رؤية المملكة 2030 بقياد عرابها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى جانب أنها حققت للمملكة تقدماً غير مسبوق على المستويين الاقتصادي والمالي، فقد عززت أيضاً من موقع المملكة العالمي ووضعتها في مكان الريادة الذي تستحقه في أمور عدة، ذكرت بعضاً منها في مقالٍ سابق، حيث على سبيل المثال لا الحصر، تُعد استجابة الحكومة لجائحة كورونا وتعاملها المسؤول معها، مثالاً يحتذى به على مستوى العالم بشهادة منظمة الصحة العالمي والمادة الرابعة من مشاورات صندوق النقد الدولي، ما ساهم بشكلٍ كبير في الحد من حالات الإصابات والوفيات الناجمة عن الجائحة. كما واحتلت المملكة المرتبة الأولى عالميا بتفوقها في مؤشر المعايير الغذائية في العام 2020، والذي هو أحد مكونات الأمن الغذائي العالمي، والمرتبة الأولى عربياً في مجال الأمن السيبراني والثانية دولياً.
والمملكة اليوم أصبحت مركزاً حضارياً، ونقطة جذب استثماري غير طبيعية، بسبب تميز موقعها الجغرافي الذي يربط بين ثلاث قارات رئيسية (أوروبا، وأسيا وأفريقيا)، مما عزز من حجم التبادل التجاري فيما بينها وبين تلك القارات وكذلك جعلها في موقع متميز عالمياً للتجارة العالمية.
ولا أجد خيراً قول أختم به مقالي هذا سوى الدعاء بأن يحفظ الله بلادنا العظيمة من كل شر وسوء، وأن يحفظ لنا لحمتنا الوطنية وقيادتنا الرشيدة ليتعزز بذلك البناء والاستقرار والتنمية في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- لتشهد المملكة في هذا العهد الميمون المزيد من التطور والنهضة في ظل الرؤية الطموحة رؤية المملكة 2030.




http://www.alriyadh.com/1933115]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]