هل غيّرت وسائل التواصل الاجتماعي حياة وطريقة تفكير مستخدميها؟ هل كان لحضور هذه الشبكات آثار واضحة (إيجاباً أو سلباً) في حياة المجتمع البشري؟ وكيف تيسر (تعقّد) الاتصال الإنساني بين هذه الجموع الضخمة من مستخدمي الشبكات على مختلف ثقافاتهم وأجيالهم؟ هذه نماذج من أسئلة تدور كثيراً في ورش العمل ذات العلاقة، وفي الدراسات المتخصصة فضلاً عن حضورها القوي في النقاشات العامة.
لعلنا نبدأ أولاً بقراءة الأرقام ذات الدلالة.. إذ تكشف التقارير عن ارتفاع عدد مستخدمي (مستهلكي) وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير خلال العقد ونصف العقد الماضيين. ففي الولايات المتحدة (مكان ميلاد معظم هذه الخِدْمَات) ارتفع استخدام الشبكات الاجتماعية من 5 ٪ عام 2005، إلى ما يزيد على 80 ٪ مع مطلع هذا العام 2022. أما على مستوى سكان الكرة الأرضية فقد ازداد عدد المستخدمين عالمياً من 970 مليون شخص عام 2010 إلى عدد يتجاوز 4.62 مليارات مستخدم في يوليو 2021. وبطبيعة الحال تعزى هذه الزيادة إلى أسباب كثيرة منها سهولة الوصول إلى الإنترنت، وانتشار الهواتف المحمولة إضافةً إلى تطوّر هذه المنصّات ومجانية معظم خدماتها.
إذاً لم تعُد هذه الشبكات ظاهرة تقنيّة طارئة، بل نشاطاً تجارياً ضخماً، وواحدة من حقائق الحياة اليوميّة بوصفها مستحدث فارق في النشاط الاتصالي الإنساني في عالم اليوم. وتقول الدراسات المتخصّصة إن متوسط الوقت الذي يقضيه المستخدم يوميّاً مع وسائل التواصل الاجتماعي يُقدّر بحوالي ساعتين و41 دقيقة بزيادة حوالي 70 ٪ عن عام 2012.
ومن المهم الإقرار أن التغيرات الإيجابية لهذه الوسائل في حياتنا كثيرة، ومنها بناء العلاقات والبقاء على اتصال، وأصبح للفرد صوت دون وسيط (لأول مرة في التاريخ) ما مكّن الناس من إظهار مشاعرهم وأفكارهم. أضف إلى ذلك تمكين مستخدمي هذه الشبكات من تقديم الدعم، والوصول الفوري للمعلومة والخدمة من مصدرها، والأهم تسريع الأعمال التجاريّة ومباشرة المبادرات الإنسانيّة. ولكن أيضاً هناك تأثيرات سلبية ينبغي الالتفات إليها مثل تزايد مظاهر الاكتئاب والقلق بين مدمني استخدامها، والتعرض للتنمر الإلكتروني، وبناء تصورات غير واقعية عن الذات، ومقارنة حياتنا بالآخرين الذين لا يعرضون إلا أفضل ما لديهم في أفضل حالاتهم. ومن المهم أيضاً الإشارة إلى حقيقة أن المزيد من «الأصدقاء» «الافتراضيين» على الشبكات الاجتماعية لا يعني –طِبْقاً لـِلدراسات- حياة اجتماعية صحية.
ويبقى سؤال كيف غيّرتنا وسائل التواصل الاجتماعي مطروحاً أمام الجميع، وكلّ يراجع جوابه وَفْقاً لـِمرجعياته وقناعاته.
قال ومضى:
من لا يحتفي بمقام الأسئلة.. لا تسأله..




http://www.alriyadh.com/1933668]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]