سوف نحتفل هذا الأسبوع ولأول مرة بيوم تأسيس بلدنا. وهذا أمر في غاية الأهمية ليس فقط باعتباره مناسبة عزيزة على كل واحد منا فقط، وإنما أيضاً للتربية والتعليم والتوعية في الداخل، والدعاية والإعلام في الخارج، بأن الدولة السعودية الثالثة، هي امتداد للدولة السعودية التي تأسست في منتصف عام 1139هـ الموافق 22 فبراير من عام 1727م. وأنا أتذكر ردي على الصحفية الأمريكية Karen Elliott، التي كانت تردد مصطلح regime، بأن هذه التسمية بعيدة عن الواقع، فعمر بلدنا أقدم من الدولة الأمريكية التي استقلت في عام 1776 أي بعد قيام الدولة السعودية الأولى بـ49 عاماً.
إن هذا البعد التاريخي، يعطي المملكة مواصفات تختلف عما هو موجود في معظم البلدان النامية. فهذه الأخيرة تأسست، بعد نيل الاستقلال من المستعمر الأجنبي، وتعاقب الانقلابات والتقلبات السياسية فيها أكثر من مرة. أما المملكة، فهي أشبه ما تكون بالدولة الأوربية التي نشأت ضمن تفاعلات داخلية، قامت على أساسه الدولة السعودية العميقة. فالمملكة نشأت ضمن تحولات داخلية عمرها لا يقل عن 3 قرون، تفاعل خلالها الحكم مع المجتمع بمختلف مكوناته القبلية والطائفية والعرقية.
وهذا العمق التاريخي، هو الذي ولد التلاحم بين القيادة والشعب، فهذا الأخير هو ليس فقط محكوما وتابعاً، وإنما متفاعل ونشط. ولهذا، تصل إلى القيادة كل المشكلات التي يعاني منها المواطنون. وليس ذلك وحسب، وإنما أيضاً الحلول التي طالما انتظرها الناس، وذلك ضمن ملحمة التفاعل بين الحاكم والمحكوم.
وهذا التفاعل وجد لنفسه في الفترات الأخيرة عامل مسرع. فصاحب السمو الملكي ولي العهد، بهمته وتشاطه ودعم خادم الحرمين الشريفين لعملية الإصلاح التي يقودها، قد أدى إلى تسارع عملية التحول الاقتصادي - اجتماعي. فخلال السنوات القليلة الماضية تقدمت المملكة خطوات كبيرة للأمام. ووجدت العديد من المشكلات المستعصية، وخاصة المتعلقة بالمرأة، حلولها الجذرية. وهذا أدى إلى إحداث نقلة اجتماعية نوعية.
وإحدى نتائج التغيرات الاجتماعية في المملكة هو احتفالنا بيومنا الوطني وبذكرى تأسيس بلدنا. وهذا سوف تكون له انعكاسات اقتصادية. فالسقف الاجتماعي المرتفع سوف يؤدي إلى ارتفاع السقف الاقتصادي. إذ لطالما كان السقف الاجتماعي المنخفض عقبة أمام تطور اقتصاد بلدنا. فهناك قطاعات مثل السياحة والخدمات وغيرها سوف تجد لنفسها متنفساً، في ظل النقلة الاجتماعية التي وصلنا إليها. وإحدى النتائج المترتبة على ذلك، سوف تكون زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية علينا وتقلص تدفق رؤوس أموالنا للخارج. فالبيئة الاجتماعية الحديثة سوف تشجع أصحاب الأعمال والشركات من داخل وخارج المملكة على زيادة الاستثمار والمساهمة في إعادة هيكلة اقتصادنا وتقليل اعتماده على النفط.




http://www.alriyadh.com/1935812]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]