ولأننا في شهر الخير، نتمنى أن يكون خيراً وبركة بإذن الله علينا جميعاً وعلى بلادنا.. وعليه فلن أكون ثقيلاً بالحديث عن السياسة والاقتصاد وما يحدث بين روسيا وأوكرانيا، وسأكون في إطار الكوميديا التي عنينا بها خلال الشهر الفضيل، وتحديداً المسلسلات السعودية التي بات يصعب تحديد عددها من فرط كثرتها خلافاً لماضينا الذي كنا نكتفي فيه بواحد يكون مفيداً ومسلياً ومقنعاً لنا.
لن أنقل حكمي عليها بل سأنقل ما وجدته من الرأي الأكثر، جراء ما حفلت به هذه المسلسلات من نقد، حتى أصبح تمحيصها من متخصصين أكثر جرأة، ووجدت أن معظمهم يتفق على أن هذه الدراما تهريج لا أكثر؟! المهم أن يكون هناك شيء في شهر رمضان يشاركون به، باستخدام التعليقات المكررة المبتذلة والحوار الممل، والتهريج ولو على حساب الذوق العام، غير التحول من ممثل إلى أشياء أخرى، صعبة على الفهم، كما هم بعض المنتقلين من التمثيل إلى الرقص والردح؟!
المسلسلات الرمضانية المعروضة في معظمها لم تكن تمثل واقع المجتمع السعودي سواء الجانب السلبي منه أو الإيجابي، ولم تكن سبيلاً لوضع حلول لبعض إشكالياته، بل إنها قد فاقمت من بعضها عبر قوالب تسمى كوميدية لم ترتقِ لأجل إقناع المشاهد، ففيها تلحظ أن البحث عن النكتة والموقف الضاحك يغلب على قيمة المشهد والفحوى، أو الرسالة التي يريد المشهد أن يوصلها، مع مزيد من الابتذال والتكرار، وعليه فلم تكن دراما تجسد المجتمع السعودي، وأحسب أن المشاهدين قد أيقنوا ذلك.
قد تسيء الدراما للمجتمع وتصوره بغير حاله، وهذا ما كنّا نلاحظه في فترات ليست بعيدة على بعض الدراما لدول عربية معينة خلال فترات سابقة، حينما سيطر من صوّر أن المخدرات والرقص والعلاقات المحرمة هي السائدة على المشهد في ذلك البلد، وهو أمر غير حقيقي.. ولنا في ما قاله أحد النقاد العرب عن رأيه في مصر في ظل زيارته الأولى لها قبل نحو أربعة عقود، فقال بكل صراحة: "كنت أظن مصر عبارة عن ترفيه ورقص.. ولكن ما شاهدته في مصر ينافي ذلك.. مجتمع راقٍ محافظ.. والسبب أن الدراما والأفلام المصرية لم تنقل لنا الحقيقة الجميلة والرائعة عن مصر".
الملاحظ محلياً أن الكل يريد أن يكون الأقدر على الإضحاك، الأمر الذي جعل بعض من نحسبهم من المؤثرين فنياً في الدراما السعودية، أشبه بالمهرّجين.. وهذا لا يعني أنه ليس هناك من هو قادر على انتزاع الابتسامة بجدارة كالممثل المحنك الطويان، ومعه المبدعان عبدالإله السناني والشمراني، لأن إمكانات الممثل الأصيل ومخيلته العالية، جديرتان بأن تقوده إلى الإبداع.
المهم في القول إن الدراما حين تتخلى عن أساسياتها ومصداقيتها، فحتماً سوف تفقد أهميتها.. فيا فنانينا لا يأخذكم التسابق المحموم على الفترة الذهبية في رمضان عن النموذج الكوميدي الراقي الذي عرفناكم به في بداياتكم.




http://www.alriyadh.com/1945916]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]