كاتب هذه السطور ضمن كتاب القصة القصيرة وقد صدر له خمس مجموعات قصصية كانت أولها عام 1995 وآخرها عام 2013م، إلى جانب الرواية ومجموعات نثرية وكتب أخرى في مجال الدراسات الإعلامية، بلغت 13 إصداراً.
هذه مقدمة بسيطة للحديث عن القصة القصيرة حتى لا يقال إن من يكتب عن القصة ليس له علاقة بها.
السؤال المطروح، هل القصة القصيرة من فنون الكتابة المنقرضة، حيث ندرك أن هناك فنونا تظهر، ثم تتوارى أو تنقرض وتنتهي تماما وهو حال الملاحم، والحكايات الشعبية، والحكواتي وغيرها.
شخصيا أؤمن بأن القصة سوف تؤول لهذا المآل، أو هي على وشك ذلك، حيث تتوارى الآن بشكل كبير، ولم يعد لها قراء أو متابعون وأجد أني أميل لما طرحه الناقد والمفكر الصديق الأستاذ الدكتور معجب العدواني حول خبوت القصة القصيرة في ظاهرة لا تعد متصلة بالكتابة المحلية فحسب، بل تتصل بالكتابة العربية والعالمية، أمام زحف الأجناس السردية الأخرى مثل الرواية والسير الذاتية.
وهو الرأي الذي يؤكده واقع هذا الفن من حيث المتابعين، ومحبي وقراء هذا اللون من الفنون السردية.
أظن أن كل الفنون قابلة للتجدد، والتحديث والتغيير، وأخذ أشكالاً أخرى جديدة، وربما طغيان ألوان من الفنون على أخرى، والأزمة التي يعانيها كتاب القصة القصيرة تحديداً هي أزمة قارئ، وشخصياً أجد نفسي مع مبدأ وجود المتابعين أو القراء لهذا اللون من الفنون أو غيره، فإذا لم يكن هناك قارئ، فما الجدوى من الاستمرار في تقديم أعمالاً إبداعية لا تجد من يقرأها أو يحتفي بها، صحيح أن هناك من يمكن له أن يحاجني بأننا نحتاج إلى دراسة تؤكد أفول هذا الفن، وأكون معه تماماً في أهمية ذلك، لأجل تأكيد وجهة النظر المطروحة أو نفيها، كونها تظل وجهة نظر حتى يتم إثباتها عبر الدراسة العلمية التي تستقصي رأي القراء أنفسهم للفصل في هذا الجدل، لكن المتتبع العادي يلمس أن الرواية على سبيل المثال تعتبر حاضرة وبقوة على مستوى الإصدارات السنوية، وعلى مستوى الحضور الملحوظ في معارض الكتب وإقبال عشاق الرواية على الروايات الصادرة حديثاً، كذلك على مستوى الجوائز المتعددة التي تحظى الرواية العربية عموماً على نصيب جيد منها، والذين أكد روائيون سعوديون نجاحهم وتميزهم في الحصول على جوائز دولية في هذا الجانب.
وسط هذا الزخم يظل هناك سؤال مطروح: أين القصة القصيرة بين كل هذا، وأقصد هنا بالقصة القصيرة التي تتضمن من 200 إلى 500 كلمة، وتأتي أحداثها مرتبطة بومضة أو لحظة إلى أحداث يوم أو يومين، ولا أقصد القصة القصيرة جداً التي تعتبر من وجهة نظري "فناً هجيناً" لم يتمكن من إثبات وجوده، بل ظل يترنح بين التغريدة ذات الأسلوب المباشر الفج، وبين الخاطرة التي تأتي للتعبير عن الذات، وتنقل لنا انطباعات شخصية لكاتبها، حيث لا يمكن لها أن تمثل عملاً فنياً يعبر عن الإنسان وهمومه وقضاياه بحكم أن كلمات القليلة لن تكون قادرة على تحقيق ذلك، ولن تكون دالة، وسوف تظل في إطار الانطباع الشخصي المباشر الفج الذي ينافي تقديم عمل فني خلاق.




http://www.alriyadh.com/1954939]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]