احتفل العالم في إبريل 2022 بيوم التوحد التوعوي، ولمعرفة مقدار سوء الفهم العربي لهذا العرض الطبي، مازال بعض المختصين يتمسكون بتصنيفه كمرض، رغم أنه اضطراب في القدرات اللغوية والاجتماعية، وبالتالي فهو لا يدخل في الإعاقات الذهنية أو الحركية، والصحيح أنه أقرب إلى التأخر الاجتماعي، فالتوحديون قد يكونون أكثر ذكاء من أقرانهم، وتحديداً في الحالات البسيطة والمتوسطة، وليس في التوحد الكلاسيكي.
في 2019 توصل الباحثون في معهد ليبر الأميركي إلى نتيجة مذهلة، فقد أكدوا بالدليل العلمي أن انفصال المشيمة خلال فترة الحمل يؤدي للإصابة بالتوحد، لأنه وبمجرد حدوثه يوقف إفراز هرمون الوببجنانولون، وهو المسؤول عن نمو أجزاء من دماغ الجنين، والحل في إعطاء الحامل حقنة واحدة من الهرمون لتحييد احتمالات إصابته بالتوحد، ومعها دراسة أجراها المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وفي نتائجها أن التعجيل في الحمل الثاني قبل 18 شهراً من الإنجاب يرفع نسبة الإصابة بالتوحد إلى 50 %، وكلاهما يشير إلى أن المعرفة الناقصة بمسببات التوحد ربما كانت سبباً في حدوثه.
المملكة أقرت في 2013 الدمج الكامل لأطفال التوحد في التعليم العام، والمشكلة أن المدارس التقليدية ليست مهيئة لاستقبالهم بالشكل المطلوب، فلا كوادرها مدربة على التعامل معهم، ولا الطلبة أنفسهم يفهمون اختلافهم، ما قد يؤدي إلى التنمر عليهم أو أن يكونوا محل سخرية، ولكنها تحديات مقبولة وضرورية لإكسابهم المهارات الأساسية التي يحتاجونها، وبشرط توفر مساعد تعليمي مدرب لكل حالتي توحد على أقل تقدير.
بخلاف أنه يفترض في مراكز التوحد والأهل، قبل وأثناء الدراسة، عمل خطة تدريبية علاجية لمدة ثماني ساعات في اليوم الواحد لكل توحدي، وبما يسهم في تدريبه على تحسين مهاراته الاجتماعية واللغوية والاندماجية، والمملكة فيها حوالي 250 ألف توحدي، وهؤلاء يحتاجون إلى 125 ألف اختصاصي مؤهل لتعديل السلوك، وبرواتب مناسبة وساعات تدريب كافية لمصابي التوحد، حتى يتوقف بحث الناس عن بدائل بأسعار منافسة في الخارج، فالثابت أن مراكز التوحد السعودية لم تحقق 20 % من المعول عليها.
رؤية 2030 مهتمة بتطوير خدمات ذوي الاضطرابات النمائية كالتوحد، وتعمل على الوصول بها لمستوى ما يقدم في دول العالم الأول، ولكن الواقع لا يواكب الطموح، والمسؤولية تتحملها وزارات الموارد البشرية والتعليم والصحة، وحتى التعداد السكاني الأخير لم يهتم بإدراج حقول لهذه الفئة في استماراته، وبما يفيد في معرفة حجمها، ويساعد في وضع استرتيجيات مناسبة للتعامل معها داخل المملكة، ويوقف المصاريف الحكومية عليها في الأردن والإمارات والكويت ومصر وبريطانيا، وبميزانية سنوية تصل إلى 80 ألف دولار لكل طفل توحدي، ومصاريف وزارة التعليم السنوية على إيفادهم تقدر بحوالي 17 مليون دولار، ولعل الأنسب يكون باستثمار هذه الأموال في إيجاد حلول محلية دائمة، مع الاستعانة ببيوت الخبرة العالمية كمنظمة أوتيستيكا الدولية.
http://www.alriyadh.com/1955352]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]