اليوم -ببساطة- الناس يريدون من المسؤول أن يقابلهم ويرد عليهم ويتحدث معهم باعتبارهم شركاء، وأن المسؤولية مشتركة، يريدون أن يروا إنساناً واقعياً، ويتعامل بواقعية بعيداً عن منابر مواقع التواصل والعروض الاحتفالية، وأن يحسوا أنه مثلهم، يشعر بما يشعرون، ويتألم كما يتألمون، ويهتم بهم وبتطلعاتهم، ويروا الشفافية على أرض الواقع، فيتحدثون معه ويمارسون مواطنتهم والشراكة.. يريدون قائداً يتجول ويخرج من مكتبه ليرى بعينه ما يحدث على أرض الواقع لا أن يتجنبهم ويجلس في برجه العاجي.
اليوم "متلازمة البرج العاجي" هي شيء حقيقي يلاحظه الموظفون في قائدهم قبل الآخرين من المجتمع، ويحدث ذلك عندما ينفصل القادة عن الأشخاص الذين يديرونهم وعن المجتمع الذي يقدمون الخدمات له، ويعيشون حالة من التمركز حول الذات والنرجسية الإدارية.. ومع الوقت يبدؤون في نسيان الحياة في الميدان. وحتى يشعروا بالمزيد من الأمان وتعزيز السلطة يتجهون إلى أقرانهم من القادة الآخرين ويرتبطون بهم ويقضون وقتهم بالقرب منهم لخلق حالة من المصالح المتبادلة، وفي كثير من الأحيان يقضون معظم وقتهم خارج المكتب في السفر والمناسبات، وبعد ذلك عندما يكونون حاضرين يظلون مختبئين في غرف الاجتماعات أو خلف الأبواب المغلقة.
اليوم يرتكب بعض أصحاب المناصب أخطاء سلوكية عندما يغلقون أبواب مكاتبهم على أنفسهم، ولا يردون أو يتفاعلون مع الناس وحتى موظفيهم، من باب حماية أنفسهم من الأشخاص، والنقد والحوار والتقييم السلبي من الآخرين، ويركزون على خلق حالة من الشو والاستعراضية الإعلامية.. وفي الحقيقة سيحققون ما يريدون ولكن لفترة محدودة وسرعان ما تنكشف قدراتهم ومهاراتهم في التواصل من خلال المخرجات والفجوات التنموية والتطويرية لمؤسساتهم ويسقطون مع أي أزمة.
الاختلاف في الامتيازات في مكان العمل يخلق فجوة كبيرة بين القادة والموظفين، وهذه بداية الانفصال والتمييز من الناحية المعنوية، وعندما يصاحبه انفصال في التواصل فإن الموظفين الحانقين سينفصلون عن واقع العمل الفعلي، وسيعون بكافة الطرق غير المباشرة والدفاعات اللاشعورية لإسقاط قادتهم وإضعاف مؤسستهم وجعلها مؤسسة خارجة عن الواقع والخدمة.
اليوم أصحاب متلازمة البرج العاجي يتذاكون على الناس، ويعتقدون أنهم بإبرامهم عقوداً مع شركات للقيام بالعديد من الأعمال لمؤسساتهم سواء استشارية أو إشرافية أو فنية سيجعلهم يقفزون على الواقع وعلى الموارد البشرية المحسوبة عليهم، ويمكنهم من السيطرة على قواعد اللعبة، ولكنهم في الحقيقة يسعون إلى تفريغ مؤسساتهم من الكفاءات والمعرفة، وأن لا تكون لها معنى وشخصية، وأيضاً من الاستدامة التنظيمية والهيكلية والحوكمة وتتابع الخطط والمشروعات، وببساطة سيسقط كل شيء بسقوط رئيسها لأن البقية "ما يدرون وش السالفة غيره".
http://www.alriyadh.com/1955677]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]