تحدثت في مقال الأسبوع الماضي عن الظلم الذي تتعرض له المملكة إعلامياً، والهجوم عليها في كل محفل ووصمها بتهم تراكمت عبر السنين بسبب تجاهلنا لها، حتى تحولت صورةً نمطية تتطلب عملاً مكثفاً لتغييرها. ملف المرأة يأتي في طليعة قائمة الاتهامات التي تواجه المملكة، وأوضحت في المقال السابق كيف أن المرأة السعودية تتمتع بحقوق قد تفوق ما تتمتع به النساء في دول غربية متقدمة، خصوصاً في فرص العمل والمساواة في الرواتب والفرص الوظيفية وغيرها.
العمل على نقل واقع المملكة كما هو وتحسين صورتها في المجتمع الدولي هو ضرورة وليس ترفاً كما ذكرت، الأمر لا يتعلق باستجداء الثناء والمديح بل يترتب عليه الكثير من المكاسب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وإذا أردنا اتخاذ استراتيجية فعالة وبعيدة عن الطرق المهترئة والمستهلكة التي أثبتت أنها لا تجدي فيجب أن نفكر في حل للمشكلة من أصل المشكلة ذاتها، أعني بذلك أن تضطلع المرأة السعودية بمهمة تحسين سمعة بلادها في الخارج، وأن تتسلم هذا الملف المليء بالافتراءات لتفندها.
بطبيعة الحال لا يتم ذلك عبر حملات علاقات عامة مباشرة، وإنما من خلال استغلال كافة المنصات الممكنة بقوة ناعمة تتوسل الفن والأدب والثقافة والإعلام، وأن يتم ذلك بدعم من الجهات المعنية مثل وزارة الثقافة والإعلام والخارجية وغيرها من الهيئات المعنية بمثل هذه الأنشطة، كما يجب أن تكون الخطة طويلة المدى وتعتمد على استراتيجية ذكية تفهم اهتمامات المتلقي وتلفت انتباهه.
الأفكار التي قد تحقق هذا الهدف كثيرة ومتنوعة، وسأضرب بعض الأمثلة التي قد تحقق نتائج سريعة ومستدامة: حكايات من السعودية تقدمها فتيات سعوديات على المنصة الشهيرة TED Talk، معارض فن الخط العربي لخطاطات سعوديات يتم تنظيمها في عدد من العواصم حول العالم، ورش عمل لتعليم فن المكياج على أيدي فتيات سعوديات، صناعة مشهورات من المملكة على وسائل التواصل الاجتماعي يتحدثن عدة لغات، بحيث يقدمن محتوى بسيطاً وذكياً يخاطب جماهير العالم، وغير ذلك من الفعاليات الجماعية التي تفتح أبواباً للحوار ومن المهم جداً تدريب كل من تشارك في فعاليات خارجية على الحديث أمام الجموع ومعرفة الرسائل المراد إيصالها، والتدرب على إجابة الأسئلة الصعبة والمحرجة، والأهم هو نقل الصورة الحقيقية دون تزييف أو مبالغة، وذلك لأن الصورة الواقعية جميلة بحد ذاتها ولا تحتاج لإضافات غير واقعية. من الممكن أيضاً تدريب عدد من السيدات للخروج في وسائل الإعلام العالمية والمشاركة في حواراتها ولك أن تتخيل الأثر الكبير الذي يحدثه مثلاً ظهور سيدة سعودية مفوهة في البرنامج الحواري The Daily Show مع تريفور نوا، أو تحل ضيفة على برنامج 'The View' الذي يشاهده أكثر من 3 ملايين شخص، أو غيرهما من البرامج الشهيرة.
الدفع بالمرأة السعودية للواجهة وتسليمها ملف إدارة سمعة المملكة في الخارج، "فيما يتعلق بحقوق النساء"، سيساهمان بشكل كبير في إصلاح الصورة النمطية للمملكة، تلك الصورة التي لطالما تعرضت لإجحاف غير مبرر.




http://www.alriyadh.com/1957502]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]