لا ننسى جهود رجال الأمن الذين يشعرونك بأنهم جاؤوا خصيصاً ليخدموك أنت دون غيرك من شدة حرصهم وعنايتهم بك ولك، كل هذا كان يجعلنا ونحن نرفع حاجتنا لله لا ننسى أن ندعو الله أن يحفظ بلادنا وقادتنا على كل ما قدم وما سيقدم للحجاج والمعتمرين من خدمات متنوعة..
في العام الماضي كنت ممن يسر لهم الله - عز وجل - أداء فريضة الحج في عام استثنائي لم يزد فيه عدد الحجاج عن ستين ألف حاج وحاجة، سبحان الذي جعل اليسر مع العسر ففي زمن كورونا ومخاوفه تيسرت لي ومن معي حجة استثنائية بكل معنى الكلمة بما فيها من سهولة وبساطة وسعة في أداء كل متطلبات الحج التي تصعب مع الأعداد الغفيرة التي كنت أشاهدها على الشاشة كل عام ورغم أني أسمع من الحجاج سابقاً أنها حجة ميسرة وسهلة حتى أنهم يتشوقون لأدائها مرة أخرى رغم أدائهم لها مع الملايين من البشر لدرجة أني لم أتوقع أن أسمع من س أو ص من الناس أن يتحدثوا عن سهولة أداء الفريضة رغم الأعداد المليونية في أماكن محدودة وهم أشخاص أعرف أنهم يخافون حتى من الازدحام في (السوبرماركت) وينزعجون ويتأففون من كل تصرف لا يناسبهم فيما يتعلق بنظافة الآخرين أو تعاملهم في الشوارع والأماكن العامة ومع هذا كانوا يتحدثون بعد عودتهم وكأنهم شخصيات أخرى ليست تلك التي أعرفها، وكنت أسأل نفسي كيف سيحج هؤلاء في يوم ما؟! ولكنهم أدوا فريضتهم وما ذلك إلا بتيسير من الله وفضله ثم بفضل الجهود التي تبذلها الحكومة ممثلة بكل مؤسسات الدولة المشاركة في الاهتمام بالحجاج بدءاً من وصولهم أرض المطار وحتى عودتهم وكأن تلك الأعداد لا تؤثر إلا على بطء الحركة وأعني سير المركبات أثناء التنقل من مشعر لآخر مثلاً أو ازدحام الطواف لا أكثر أو بعض المواقف التي قد يعاني منها بعض الحجاج في أحداث خاصة وليست عامة.
وعندما حججت أدركت لماذا لا يشعر الناس بضغط تبدل تفاصيل يومياتهم هناك وما اعتادوا عليه وما وجدوه في رحلتهم إلى النور ففي الحج لا يتوقف المرء كثيراً عند بعض التفاصيل المزعجة التي لم يعتد عليها فكل ما يسيطر عليه هو رغبته في التواصل الروحي مع من دعاه للحج ويسر له السبل واقتناص لحظات الذكر والدعاء بنفس راضية فرحة بفرصة أداء الفريضة.
أذكر أنني وبعض من معي فوجئنا بطبيعة المخيمات في منى وهي مخيمات مشتركة وقديمة وكانت تحتاج إلى عناية كبيرة وتجديد شامل وهذا ما دونه كثير منا في الملاحظات التي طلبت من الجميع من قبل وزارة الحج ومن الواضح أنها أخذت بعين الاعتبار بدءاً من اختيار توفيق الربيعة وزيراً للحج فهو رجل المهمات الصعبة الذي يستطيع أن يحقق ما تطلبه منه قيادتنا العليا خادم الحرمين وولي العهد فهما يتابعان كل التفاصيل من قبل ومن بعد وعندما انتشر منذ أسبوعين فيديو عرضت فيه التحسينات التي أدخلت على تلك المخيمات لم أرَ تحسينات بل رأيت تغييراً شاملاً يبهج العين ويسر الخاطر ويسعدنا لحجاج هذا العام الذين ستكون إقامتهم في تلك المخيمات فقد تبدل حالها ليتناسب مع كل خطوة تطويرية تخطوها بلادنا في كل المجالات، وكان عدم التناسب هو أكثر ما أزعج كثير منا في العام الماضي بأن أماكن الإقامة لم تكن تتناسب مع رؤية المملكة ولا مع الجهود المتضافرة لتحقيقها في كل مؤسسات الدولة فلماذا لا تكون كذلك لدى الوزارة المعنية بالركن الخامس من أركان الإسلام حتى وإن كان لا يؤدى إلا مرة واحدة كل عام، وهذا سبب يجعل تلك الأماكن بعد خلوها من الناس عرضة للتلف الذي يتطلب صيانة ومتابعة طوال العام، وهذا يشكل جهداً ومالاً لا يستهان به وخاصة أن عجلة التطوير والتحسين والتجديد لم تتوقف طوال السنوات الماضية في كل ما يخدم حجاج بيت الله في كل المرافق، وهذا ما نتابعه في الشوارع المؤدية لكل المناسك وبناء أدوار المرجم ومصاعده وسلالمه الكهربائية وخطط تسهيل وانسياب الحركة البشرية والمرورية بين كل تلك الأماكن ناهيك عن توسعة الحرم وتنوع الخدمات فيه بالداخل عربات الطواف والسعي الكهربائية وخطط الخروج والدخول إليه وكثير كثير من التفاصيل والأعمال الجبارة بالإضافة للخدمة البشرية في النظافة التي لا يعيق تكرارها كثرة الأعداد، وكذلك السقيا المستمرة لكل ظمآن ولا ننسى جهود رجال الأمن الذين يشعرونك بأنهم جاؤوا خصيصاً ليخدموك أنت دون غيرك من شدة حرصهم وعنايتهم بك ولك، كل هذا كان يجعلنا ونحن نرفع حاجتنا لله لا ننسى أن ندعو الله أن يحفظ بلادنا وقادتنا على كل ما قدم وما سيقدم للحجاج والمعتمرين من خدمات متنوعة.
إن كل ذاك العطاء الحكومي يستحق كل الشكر والتقدير ويجعلك تدرك أن الملك فهد - رحمه الله - حين اختار لقب خادم الحرمين الشريفين وثبت عليه إخوته من بعده كان صادقاً فيما قال، وكذلك فعل من جاؤوا بعده وصادقوا على اختياره المغفور له بإذن الله الملك عبدالله والملك سلمان - أطال الله في عمره ومتعه بالصحة - فهم بالفعل جعلوا خدمة الحرمين أولوية لا يتقدمها شيئاً آخر والدلائل على ذلك لا تسمعها فقط بل تراها هناك ظاهرة جلية. وإذا انتهينا من حسنات الخدمات التي تقدم للحاج وسرعة المعالجة لكل نقطة ضعف فيها لا ننسى حسنات ومساوئ أن تجمع الرحلة النورانية بينك وبين أشخاص في الغالب لن يعجبك سلوكهم جميعاً في كل أمر ولكنك تصمت بل وتتجاهل وتغض الطرف؛ لأنك ما نزلت في تلك البقاع إلا لهدف أسمى من أن تعالج سلوكيات الآخرين فهي بالفعل رحلة نورانية ينشرح فيها صدرك مع حركة وسكنة تصدر منك وكأنك تشعر للمرة الأولى بمراقبة الله لك وتعرف قيمة ما كان يقوله لنا كبارنا من أن الحج دعوة خصك بها الله للحضور فتحضر مهما كان الأمر مستبعداً في نظرك بتيسير من عنده الهنا الذي
لا يعاتب اللي يتوب
ولا في طبعه اللوم
واحد مفيش غيره
ملا الوجود نوره
دعاني لبيته
لحد باب بيته
ولما تجلالي
بالدمع ناجيته
واسأل الله لحجاج هذا العام حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً. وأن يعين كل فرد يقوم على خدمتهم.. واسأله السداد والتوفيق والتمكين لقيادتنا الحكيمة الحليمة المعطاءة التي تجعل كل حاج يعود وهو يصف حجته بأنها كانت استثنائية.




http://www.alriyadh.com/1958856]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]