يعتقد البعض أن العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية هي سياسية وأمنية في المقام الأول وأنها انطلقت بعد لقاء الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت بالمؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - في بداية عام 1945م وحتى وأن اتفقنا أن هذا اللقاء كان هو المؤسس للتحالف الاستراتيجي السياسي بين البلدين، ألا أنها في الواقع ليست العلاقة الأولى أو الأهم.
يعود تاريخ العلاقات بين البلدين إلى عام 1931م عندما منح المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز حق التنقيب عن النفط السعودي لشركة أميركية وهو ما نتج عنه اكتشاف واستخراج النفط السعودي بكميات تجارية.
تلت تلك النجاحات توقيع اتفاقية تعاون هي الأولى بين البلدين في عام 1933م كانت إحدى أهم الاتفاقيات الاقتصادية في العصر الحديث والتي انتفع منها البلدان على حد سواء وساهمت في تأسيس وتطوير صناعة نفطية متينة وصلبة يكون الإقليم نواتها وينتفع منها العالم أجمع، ما كانت لتكون لولا هذا التحالف الاقتصادي الاستراتيجي.
العلاقات الاستراتيجية السعودية الأميركية حتى وأن كانت بين بلدين إلا أن الإقليم بشكل خاص والعالم بشكل عام شريك أساسي فيها، ينتفع من تناغمها ويتضرر من فتورها، سواءً كان ذلك سياسياً، اقتصاديا أو حتى ثقافياً. الأمثلة تطول لإثبات هذه النقطة.
وأكثر من ذلك، نجد أن التعاون السعودي الأميركي في مجال معين، دائما ما يخلق حوله نجاحات أخرى في صناعات توسعية، حيث ساهمت النجاحات السعودية الأميركية في النصف الأول من القرن الماضي في صناعة النفط إلى أن تقود الاقتصاد العالمي إلى نجاحات في صناعة البتروكيميائيات وصناعة الغاز في النصف الثاني من القرن العشرين، ما كانت لتنجح تلك الصناعات لولا وجود بنية تحتية صلبة وموثوقية عالية لإمدادات الخام.
وبغض النظر عن التقارب أو التباعد في وجهات النظر بين الجانبين السعودي والأميركي من فترة إلى أخرى، إلا أن هذا التحالف وعلى طيلة الثمانين عام الماضية، دائما ما يحضر في الوقت المناسب ليخلق توازنات وحلول لمشكلات عالمية وبقرارات جريئة تعود بالفائدة على العالم اجمع سواءً اقتصاديا أو سياسياً.
واليوم نجد أن العالم أمام تحديات مهمة وتغيرات كبيرة في ملفات عدة، منها ما هي اقتصاديا وأخرى سياسية، تختلف التحديات وتتشابه الفرص ويتأكد أنها كفيلة بأن تصنع وتحدد شكل العالم في المئة عام القادمة.
إن التعاون والتكامل السعودي الأميركي اليوم أصبح ضرورة ملحه ليس فقط لمصلحة البلدين وشعوبهما بل المنطقة والعالم أكمل.
في ملف الطاقة على سبيل المثال، نجد أن هناك مجالا ضخما لتعاون سعودي أميركي وتبادل الخبرات والإمكانيات في رسم سياسات التحول إلى الطاقات المتجددة والبديلة مع المحافظة على توازن الأسواق التقليدية والانتقال السلس غير الضار للاقتصاد العالمي والمستهلكين.
في المجال البيئي، نجد أن الفرص عديدة كما في مبادرة الاقتصاد الدائري للكربون والذي أطلقته وتبنته المملكة ووافقت عليه مجموعة دول العشرين وهو المفهوم الذي بدوره سوف يساهم في معالجة التحديات المترتبة على انبعاثات الغازات الدفيئة وإدارتها بشتى التقنيات المتاحة (يعد الجانب الأميركي رائداً في اختراعها وتطويرها) وهذا ما سوف يساهم في معالجة مشكلات وتحديات المناخ الذي يهتم كلا الجانبين فيه ويعده مصيريا في الخمسين عاما القادمة.
نجد أن الاقتصاد الدائري للكربون باستراتيجياته الأربع (التخفيض، إعادة الاستخدام، التدوير والإزالة) يشكل بيئة خصبة لتعاون وتكامل سعودي أميركي قادم، حيث يتميز الجانب الأميركي في اختراع وتطوير تقنياته وخبرة واسعة في مشاريعه والجانب السعودي بمشاريعه الطموحة والبنية التحتية الصلبة والموارد الضخمة، اعتقد أن مجرد التعمق في هذه المبادرة يخلق لنا تعاونا أكبر بكثير مما أنجز في المئة عام الماضية وفوائد مهمة إقليميا وعالمياً، علماً بأن هذا الدور المهم تجاه الاقتصاد العالمي لا يستطيع أن يلعبه إلا التحالف السعودي الأميركي.
ويشكل الاستخدام السلمي للطاقة النووية فرصة مهمة يستطيع أن يلعب فيه هذا التحالف دورا مهما لما يملكه البلدان من موارد وتقنيات وخبرات كبيره لتشكيل تكامل صحي وتحالف استراتيجي آخر مهم للمنطقة سياسياً واقتصادياً.
*مختص في النفط والطاقة




http://www.alriyadh.com/1961963]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]