‎قد يكون القلق على المستوى الطبيعي شعورا طبيعيا وصحيا فيكون الشخص في حالة من التيقظ النفسي والفسيولوجي فتساعده على القيام بعمل أفضل، ومع ذلك، فإن القلق المفرط وتجربة الخوف يؤثران سلبًا على الحياة اليومية للشخص، مما يتسبب في انخفاض أدائه وتدهوره.
ولا شك أن أي حالة نفسية ومنها القلق والتوتر منوطة بعد توفيق الله بقدرة الشخص على ضبط حركته النفسية تجاه ما قد يواجه، ويرتبط تجاوز القلق بما يمكن من استعداد ذهني ونفسي عتيد، وهنا تختلف الأنماط الشخصية لدى الأفراد وتتباين ردود أفعالهم.. ومعلوم أن القلق ليس ميكانيكيا يمكن للمرء أن يتحكم به بـ "كبسة زر" لكن عليه تهذيب ذاته واتباع الخيارات الدينية، والسلوكية، والشعورية لمدافعة أي توتر وقلق.
في دائرة التعليم بشكل عام يمر الطالب بمواجهات نفسية كثيفة مثل القلق من الدراسة، والامتحانات، وفقدان الفرص، والتأخر في الإنجاز ومنطقيا هو أمر طبيعي للمراقب ولكن الشخص القلِق لا يرى ذاته كما يراه الناس.
ولعل من أهم الحالات الشعورية التي قد تمر بالشخص حالة القلق والتوجس التي يعيشها الباحث خصوصا في الدراسات العليا وبالذات في دراسة إعداد رسالة الدكتوراه فهو يعيش حالة غازية، وواقع من الدوران حول ذاته بسبب معطيات كثيرة تدخل الباحث في متاهات معنوية ونفسية.
ما يحمله الباحث من مستوى وعي بما يقدمه ويعدّه من رسالة، وكذلك درجة القلق التي ترهق ضلوعه قد لا يستشعر ذلك إلا هو كون الأمر حالة طبيعية يجب أن يتماهى ويتماشى معها.
وكثير من المتاعب الذهنية والجسدية تسيطر على الباحث بسبب استيعابه لما يحدث له، وكذلك بسبب ظروف الإرشاد والمرشدين، أو المشرفين الذين يحملون أعباء عدد من الباحثين والانغماس في مسؤولياتهم الأكاديمية والتعليمية، وكذلك عدم وجود صيغة محددة وواضحة تمثل خارطة لكل باحث في علاقته من المشرف أو المرشد وسير عملية الإعداد، حيث إن الأمر منوط بعلاقة الباحث بالمشرف، ولعل ذلك تبرزه الاختلافات في التصورات أو التوجيهات أو الآراء عند كتابة البحث، فحين ينتقل البحث من أستاذ إلى غيره سيكون هناك بعض الاختلافات في التوجيهات وقبول التعديلات أو تطبيق الآراء لدرجة يعيش معها الباحث حالة التناقض بسبب التضارب العلمي والمنهجي في بعض الآراء مع أن الباحث في الأخير سيأخذ بالرأي الذي يسنده مبرره العملي وقناعته، كما أن هناك تصورا نمطيا أن الباحث يجب أن يقضي مدة معينة حتى لو طالت، مع أن بعض الباحثين قد تكون لديه انسيابية وإمكانية الإنجاز في وقت أقصر فيقع التردد، ويحكم بالتأني.
ويبقى القول: يبدأ القلق البحثي لدى الباحث بسبب خشيته من عدم الوصول إلى مثالية المطلوب منه كون أن هناك آراء متخالفة، وذلك يجعله يدور حول ذاته كذلك لإحساسه بانهيار الهمة أحيانا لطول المدة، وفوضى الزمن داخله لذا يجب توجيه القلق الحالي في اتجاه إيجابي ومحاولة إيجاد مساحة متوازنة بين تطلعه وغايته وواقعه البحثي.




http://www.alriyadh.com/1970508]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]