تعي القيادة السياسية دور بلادنا المحوري على المستويين الوطني والدولي؛ لتقديم حلول متقدمة للحد من آثار تلك المعضلات ليس لكيانها فقط بل للبشرية جمعاء، وأحد تلك المفاصل هو العمل على تنمية مسيرتها في "الذكاء الاصطناعي والتطبيقات السحابية"..
نجحت السعودية في السنوات الست الأخيرة تحديدًا في خلق تجربة متكاملة من التحولات الرقمية في المجالات والقطاعات كافة، وهو ما انعكس صراحة على مضامين التقارير الدولية المعنية بهذه التجارب، وتأكيد ريادة المملكة في الرقمنة وتبوؤها مستويات متقدمة جدَا على المستوى العالمي، لم يكن هدف الحكومة السعودية من تعزيز التحولات الرقمية محصورا في "الخدماتية الرقمية" -كما يظن البعض- بل لديها رؤية أبعد من ذلك بكثير، فهي تعمل على تهيئة اقتصادها الوطني المستقبلي لمرحلة الثورة الخامسة المتمثل في توسيع إطار استخدامات الذكاء الاصطناعي، وهو العنوان العالمي البارز لعقود الاقتصاد المقبلة.
هناك ملمح مهم يجب التطرق إليه وهو تعاظم التحديات الإنسانية العالمية، لذلك تعي القيادة السياسية دور بلادنا المحوري على المستويين الوطني والدولي؛ لتقديم حلول متقدمة للحد من آثار تلك المعضلات ليس لكيانها فقط بل للبشرية جمعاء، وأحد تلك المفاصل هو العمل على تنمية مسيرتها في "الذكاء الاصطناعي والتطبيقات السحابية"، ويمكن فهم بعض تفاصيل ذلك مع الإعلان السابق للتطلعات والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار التي كتبتُ عنها مقالًا موسعًا في يوليو الماضي، ربما السؤال المركزي الذي من المهم تفعيله بين النخب المثقفة هو: لماذا تُسارع السعودية الزمن بتمكين نفسها في البيانات والذكاء الاصطناعي؟
الإجابة عن هذا التساؤل اقتبسها من موقع الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا"، التي تُعد رأس الحربة الوطنية في بلورة هذه الاتجاهات، وهي تُشير إلى سعي بلادنا إلى إنشاء منظومة مزدهرة للمُعاونة على تعزيز المعرفة النظرية الأساسية في مجال الذكاء الاصطناعي وإثراء مجالاته التطبيقية، والظهور بنتائج عالية الجودة ذات جدوى قيّمة تبني اقتصاداً معرفياً ذا أساس متين تُشيّده عدد من الشركات الناشئة المحلية والدولية في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي لإحداث تغير حقيقي.
يتزامن هذا المقال مع الافتتاح الرسمي للنسخة الثانية لـ "القمة العالمية للذكاء الاصطناعي" الذي تنظمه الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي "سدايا" وتنطلق فعالياته وجلساته غدًا بمشيئة الله تعالي برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وتنبع أهميته في استقطاب أبرز صانعي السياسات وكبار المستثمرين في العالم وقادة الفكر السياسي والمبتكرين الذين يعملون على نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي من خلال استكشاف الموضوعات ذات الصلة، وحالات الاستثمار، والالتزامات، والحوكمة؛ لتقديم حلول الذكاء الاصطناعي على نطاق عالمي. هذه القمة وغيرها من الجهود المستدامة التي تشرف عليها "سدايا"، هي امتداد للإستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي، التي أطلقت أكتوبر الماضي (2021)؛ لتأدية دور محوري في رسم مستقبل البيانات والذكاء الاصطناعي على المستويات الوطنية والعربية والدولية كافة، والإسهام في تمكين البرامج والقطاعات الحكومية والخاصة، من خلال التركيز على معالجة الأولويات الوطنية الملحّة للمملكة والتوجهات في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي حتى عام 2030، خاصة في التعليم، والصحة، والقطاع الحكومي، والنقل والمواصلات، والطاقة، وصولاً إلى ترسيخ موقعنا كمركز اختصاص وتميّز، ومحطة لبناء مقوّمات تنافسية عالمية للانطلاق نحو الريادة العالمية في هذا المجال.
النقاش في هذا الموضوع متشعب لكن من المهم التعرض هنا إلى فلسفة السعودية في بناء المدن الذكية، خاصة بعد اعتمادها في فبراير الماضي (2022) استراتيجية المدن الذكية المعتمدة على البنية التحتية غير المرئية (الذكاء الاصطناعي)، وهي استراتيجية منافسة على مستوى المنطقة داعمة للاقتصاد الرقمي والمعرفي، خاصة أن المدن لدينا تشهد نموًا سريعًا من حيث عدد السكان (85 % تقريبًا)، وهو ما يزيد من التحديات والضغوط على المرافق والخدمات ووسائل النقل. ومن الموضوعات ذات الصلة توسع الحكومة في "البيانات المفتوحة" منذ عام 2014، إسوة بتجارب الدول المتقدمة؛ لأهمية ذلك في الجوانب الاقتصادية والمجالات الأخرى، وتُعرّف البيانات المفتوحة بأنها مجموعة من البيانات الحكومية والإحصاءات المتاحة مجاناً، ويمكن لأي فرد أو مؤسسة استخدامها أو إعادة استخدامها أو توزيعها أو مشاركتها مع الغير. باختصار.. تتطلب المرحلة القادمة بروزا وتقدما مُمنهجا في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات السحابية، أنصح الجميع بمتابعة جلسات ونقاشات "القمة العالمية الثانية للذكاء الاصطناعي"، كونها سُتجلي الكثير من التفاصيل في هذا الاتجاه.. دمتم بخير.
http://www.alriyadh.com/1971287]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]