تاريخ إعلامي يمثل إمبراطورية كانت لا تغيب عنها الشمس. تاريخ إذاعي اقتنع فيه المستمعون العرب بمصداقية (هنا لندن) أو ربما اضطروا لمتابعتها لندرة مصادر الأخبار قبل 80 عاما، هل توقف إذاعة الـ بي بي سي العربية انعكاس لتراجع بريطاني سياسي أم هو توقف ناتج عما حصل من قفزات في مجال التقنية الإعلامية ووسائل التواصل؟ ألم تصبح الأخبار الآن في جيب المتلقي في جواله؟ هل أصبحت مكلفة ماديا بلا مردود؟
مهما كان سبب التوقف فقد كانت إذاعة قوية مميزة مؤثرة يتابعها الملايين لأنها كانت تقول (عاجل) في زمن كان رتمه بطيئا، لم تكن إذاعة إخبارية أو سياسية فقط، كانت تقدم البرامج الثقافية والأدبية والاجتماعية المتنوعة بمذيعين متمكنين بثقافتهم وأصواتهم ولغتهم العربية، كانت قوة ناعمة مدعومة بقوة غير ناعمة.
اعتمد الآباء والأجداد على توقيت (هنا لندن) لسماع أخبار منطقتهم العربية لفترة زمنية طويلة، أما في هذا الزمن، زمن النت والتقنية ووسائل التواصل فلم يعد أحد يسأل: ما الأخبار؟ ما يحدث الآن هو طرح الأخبار للنقاش سواء في المجالس الخاصة أو اللقاءات الإعلامية، هل تغيرت الظروف التي تطالب بوسيلة إعلامية دولية قوية باللغة العربية، هل العالم يعيش مرحلة إعلامية مختلفة حتى أصبح البعض يرى ألا جدوى من وجود هذه الوسيلة، الواقع يقول إن بعض الدول الغربية أوجدت حديثا قنوات ناطقة باللغة العربية بأسلوب جديد لا يجعل الأخبار هي الركن الأساسي وإنما التقارير الإعلامية أو العلمية (العولمية) إن صح التعبير، والحوارات السياسية وغير السياسية التي تمرر أو تروج بطريقة غير مباشرة لفكر وقيم معينه، ولهذا يمكن القول إن الحيادية التامة أو الموضوعية التامة أو الاستقلالية لوسائل الإعلام بكل أنواعها ليست ممكنة حتى في الدول التي تزعم ذلك أو الوسائل الإعلامية التاريخية المؤثرة بما فيها (هنا لندن).
إنها القوة الناعمة التي خدمت القوى العظمى في نشر ثقافتها ولا تزال تفعل ذلك وإن اختلفت الوسائل أو تطورت، هي القوة التي ترسل وتحول الآخرين إلى متلقين يعيدون نشر أخبارها أو يتجادلون حولها.




http://www.alriyadh.com/1976187]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]