ربما لا يرغب المستثمرون في تذكر الأحداث المأساوية المتعلقة بانهيار الأسواق، وارتفاع درجة حرارة الاقتصاد، لهذا لم يتوقفوا نهاية الأسبوع الماضي، أمام حلول الذكرى الخامسة والثلاثين لأبشع يوم في تاريخ سوق الأسهم، عندما تعرض أكبر 23 سوقا ماليا بالعالم لسقوط حاد جدا، بالرغم من أهمية الدروس التاريخية للذعر الذي أصاب الأسواق المالية في 19 أكتوبر 1987، والذي نعتقد أنه شكل أول فشل هائل للتكنولوجيا في إدارة الأسواق المالية، بعدما تم استبدال خبراء التداول البشريين مرة واحدة بالخوارزميات وأجهزة الكمبيوتر الصماء، كما يعد أيضاً فشلاً بشرياً بامتياز، لأن أحداً لم يجرؤ على التشكيك فيما يقوله الكمبيوتر.
في هذا اليوم الأكثر كارثية في تاريخ أسواق الأسهم بالعصر الحديث، انخرط المستثمرون في موجة بيعيه استمرت يومًا كاملاً ارتدت حول العالم واختبرت حدود النظام المالي، وأدى ذلك إلى سحق الأسواق الأوروبية والآسيوية وهبوطها بشكل متفاوت بين 25 % إلى 50 %، ومع إغلاق تداولات هذا اليوم صعق المستثمرون وبكوا كالأطفال، فقد شاهدوا عالمهم المالي ينهار بالكلية، وفقدوا كل شيء عملوا من أجله طوال حياتهم، وتابعوا عبر الشاشات كيف تدمر مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 23 % ليفقد في عدة ساعات 508 نقاط، بينما خسر مؤشر داو جونز أكثر من 7000 نقطة.
بحلول الذكرى الـ35، يتبادر سؤال حول إمكانية تكرار هذا السيناريو المرعب مرة أخرى، إلا أن هناك بعض الاختلافات المهمة اليوم بين بيئة السوق في 1987 ونظيرتها في 2022، فليس من الممكن في ظل الظروف الطبيعية أن تنخفض الأسهم 20 % في يوم واحد، ومن الصعب رؤية عملية هبوط دراماتيكية مماثلة في يوم واحد، ونعتقد أن من أبرز طرق التحوط لدى البورصات تكمن في التحقق أولاً من ذكاء صانعي السوق، واستعمال آلية وقف التداولات بكفاءة إذا وصل الهبوط الحاد إلى مستويات تهدد بتبخر السيولة.
لا يمكن أن يتدهور سوق الأوراق المالية دفعة واحدة وبدون مقدمات، ويمكن القول إن ما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية في العام 2008 يندرج تحت بند نوبات البيع المكثفة، وإذا كانت ديناميكيات المخاطرة مقابل العائد هي الأكثر جاذبية الآن للمستثمرين على المدى الطويل، إلا أن هذا لا يعنى بحال أن السوق أصبحت محصنة ضد خطر الهبوط، فالتشديد الحالي العنيف للسياسة النقدية من قبل الاحتياطي الفيدرالي سيؤدي إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة بقوة، وبالتالي عدم استقرار سوق الأسهم، لأن المستثمرون يخشون شبح الركود الاقتصادي.
يظل انهيار 1987 دراسة حالة ذات صلة بالتقلبات المالية الشديدة، وربما يكون أصل تاريخي في تحركات الاحتياطي الفيدرالي الذي دأب على الاستجابة لانخفاض أسعار الأصول بإجراءات استثنائية، ومع ارتفاع التضخم، ينظر البعض للفيدرالي على أنه عاجز جزئياً عن إنقاذ السوق، بسبب تأخره في المواجهة وتريليونات الدولارات التي ضخها أثناء الوباء، وللمقارنة، فقد كان التضخم السنوي في أكتوبر 1987 عند 4.4 %، أي حوالي نصف مستواه الآن في سبتمبر 2022 والبالغ 8.2 %، وبالرغم من أننا نستبعد انهيارًا على غرار 1987، إلا أن البيئة الاقتصادية الحالية تترك الفيدرالي مع خيارات أقل في دعم أسعار الأسهم مما كانت عليه قبل 35 عامًا.




http://www.alriyadh.com/1978556]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]