انعقدت في الأسبوع الماضي قمة المناخ 2022 في شرم الشيخ، لتوحيد صفوف العالم حول سياسة صديقة للبيئة، التي بدأت تتأثر بالنشاط الاقتصادي للإنسان، وخاصة في البلدان الصناعية التي يؤدي نشاط الشركات فيها إلى نتائج كارثية على كوكبنا، وقد تكون مصادفة، أن يتوافق الإعلان عن النتائج المالية لشركات النفط الأمريكية- التي تحاول بلدهم أن تتزعم توجه العالم نحو نشاط اقتصادي صديق للبيئة، حيث أوكلت لهذه المهمة شخصية مرموقة هو وزير الخارجية السابق جون كيري- مع الإعلان عن الأرباح التي حصلت عليها شركات النفط الأمريكية والتي بلغت 200 مليار دولار.
وهذه الأرباح التي حصلت عليها الشركات الأمريكية يتناقض مع توجه إدارة الرئيس الأمريكي بايدن لتقليص الانبعاث الحراري والكربون الناجم عن النشاط الاقتصادي المعتمد على الوقود الأحفوري، وتوقيعه في بداية فترة حكمه على أوامر تنفيذية صارمة، تفرض حظر على بعض عمليات التنقيب عن الطاقة، وتقيدها في الأراضي العامة.
ولكن، بدلاً من تثبيط نشاط شركات النفط والغاز الأمريكية، فإن السياسات المتخذة لمعالجة الأزمة الأوكرانية أدت إلى نتائج معاكسة. فالعقوبات التي فرضت على روسيا تسببت في نقص إمدادات الطاقة وارتفاع أسعار الوقود الأحفوري الذي وقع ضده الرئيس الأمريكي أوامره التنفيذية. فهذا الارتفاع الذي نشهده لأسعار النفط والغاز هو نتيجة مباشرة لتلك الأوامر من ناحية وفرض عقوبات على روسيا من ناحية أخرى.
غير أنهم، بدلاً من الإقرار بالخطاء صاروا يرمون التهم جزافاً على منظمة أوبك، التي أصبحت ضحية مثلها مثل المناخ أيضاً، الذي ضحي به على منحر الأوامر التنفيذية والعقوبات المفروضة على روسيا، فأصبح على أبواب كارثة كما قال الأمين العام للأمم المتحدة. وكأنما العالم الغربي صار يلعب لعبة معادية للمناخ رغم كل تصريحات كبار المسؤولين فيه.
إن العالم يعيش فترة مشابهة للفترة الواقعة بعد عام 1914، عندما كانت المملكة المتحدة تتزعمه. فكل خطوة اتخذتها هذه الدولة لتعزيز نفوذها، الذي بدأ يضعف حينها، لم تؤدي إلا إلى زعزعة مكانتها المتميز، وتهديد الأمن والاستقرار في كافة أنحاء العالم.
بالفعل، فإن هذه التناقضات التي لم يشد العالم مثيل لها من قبل، تعكس المرحلة الانتقالية التي يعيشها النظام العالمي. بعد استعادة الصين وروسيا مقومات القوة، فالأولى بعد أن تغلبت على ألمانيا واليابان اقتصاديا، أصبحت منافس قوي للولايات المتحدة. أما روسيا، فإن قوتها العسكرية، وخاصة في مجال الصواريخ الاستراتيجية بعيدة المدى، قد أصبحت تشكل تهديد خطير للولايات المتحدة- وخاصة الصواريخ فرط صوتية.
ولذلك، وفي هذه الظروف، فإنه يصعب حتى على شخصية متميزة مثل جون كيري، أن يجعل العالم رؤوف بالمناخ وصديق للبيئة.
http://www.alriyadh.com/1982093]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]