تعبر اليد الخفية عن مفهوم القوى الفاعلة التي تحرك السوق الحرة وهي تعمل دون أن ترى، تتمثل القوى الفاعلة عادة من أفراد لهم حرية الاختيار بحثا عن مصالحهم في الإنتاج أو الاستهلاك، ومنذ أن طرح آدم سميث فكرة اليد الخفية في القرن الثامن عشر، والمفهوم حاضر باعتباره محوريا للرأسمالية في العصر الحديث.
يرى كثير من المؤمنين بالسوق الحرة أن الأفراد قادرون على إدراك مصالحهم الخاصة إذا ترك لهم الأمر، وأن صحة المجتمع مرهونة بقدرة أفراده على تحقيق مصالحه وأهدافه. ويقف المناصرون للسوق الحرة ضد التدخل الحكومي الممثل للتخطيط الشامل، الذي ليس لديه القدرة على اتخاذ القرارات نيابة عن الأفراد، ما يجعل تدخله في الغالب معيقا للتنمية. ففي نظام السوق الحرة، يتيح نظام الأسعار الممثل لحركة العرض والطلب معلومات كافية للمبادرين لفهم متطلبات السوق شريطة ألا تتشتت المعلومات تحت أي تدخل خارجي.
فيما يعزو مناصرو السوق الحرة تحقيق مكتسبات التنمية عبر القرون الثلاثة الماضية إلى اليد الخفية، يرى آخرون أن للسوق الحرة عيوبا تدعو إلى التدخل المركزي في كثير من الأحيان، فقد أصبح من الواضح أن السوق الحرة تمر بدورات من الصعود والنزول تؤدي في حالات كثيرة إلى انهيارات يصعب تجاوزها دون تدخل مركزي، كان آخرها انهيار النظام المالي عام 2008م. ففي انهيار سوق القروض العقارية، لم يستطع السوق الخروج من أزمته التي هددت الاقتصاد العالمي كله بالانهيار حتى تدخلت الحكومة الأمريكية، وإلى وقتنا الحاضر ما زال شبح الانهيار الاقتصادي يلوح في الأفق مع كل صعود يعقبه هبوط لا يعرف مداه.
يرى الكثير أن رغبة الفرد الذاتية في الإبداع باعتباره الوسيلة الأهم للفوز بالمنافسة وراء سلسلة الصعود والهبوط في السوق الحرة، في بيئة عادلة وحرة، من المتوقع أن ينشط المبادرون في المنافسة فتنجح فئة وتفشل فئة أخرى بناء على قدرتهم على موافقة متطلبات السوق، ومع وجود أمثلة لنجاح المبادرين وحدهم (أو فشلهم) في الصعود بمبتكراتهم في السوق، نجد أمثلة أخرى لابتكارات كان منشؤها مركزيا حكوميا.
بالنظر إلى الأمثلة الكثيرة التي بين أيدينا في موضوع الابتكار، سنجد أن التدخل المركزي الحكومي له دور كبير في دفع عجلة الابتكار، توجه الاستثمار في الحرب العالمية الثانية إلى الحاسب الآلي لفك شفرات الاتصال اللاسلكي الذي بدوره لاحقا دفع باستثمار القطاع الخاص بعد ذلك. لا شك أن ما يجمع بين أمثلة الابتكار المعروفة هو طول النفس الذي تحتاجه بعض الابتكارات لتصبح مربحة بحيث تغري بالاستثمار، مقابل الابتكارات التي لا تتطلب وقتا حتى تعود بالفائدة، سنجد التدخل المركزي الحكومي مطلوبا عند الاستثمار في منصة لا يستطيع النهوض بها القطاع الخاص لطول المدة وحجم التكلفة، فإذا حقق الابتكار النهوض يمكن عندئذ للاستثمار قصير المدى أن يعمق الفائدة ويعظمها.




http://www.alriyadh.com/1984524]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]