تأتي زيارة فخامة رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ إلى المملكة في ظروف عالمية استثنائية اقتصادياً وسياسياً، بسبب أن الاقتصاد العالمي لا يزال يُعاني من تداعيات جائحة فيروس كورونا، وكذلك الحرب الدائرة حالياً بين روسيا وأوكرانيا، ما يستدعي من قيادتي البلدين الحرص على تعزيز العلاقات الثنائية فيما بينهما بجميع مجالات الحياة، وبالذات المرتبطة بالجوانب الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، سيما وأن البلدين يتمتعان بشراكات اقتصادية واستثمارية قوية ومتينة وعميقة في نفس الوقت.
متانة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين تتضح جلياً بتبوؤ الصين للمركز التجاري الأول كشريك تجاري للمملكة لآخر 5 سنوات، حيث كانت الصين الوجهة الأولى لصادرات المملكة ووارداتها الخارجية منذ العام 2018، فقد بلغ حجم التجارة البينية بين البلدين 309 مليارات ريال، في العام 2021، بزيادة قدرها 39 % عن العام 2020، كما وبلغ إجمالي حجم الصادرات السعودية إلى الصين 192 مليار ريال، منها صادرات غير نفطية بقيمة 41 مليار ريال.
وعلى صعيد حجم الاستثمارات السعودية في الصين فقد بلغت قيمتها 8.6 مليارات ريال، وجاءت المملكة في المرتبة 12 في ترتيب الدول المستثمرة في الصين حتى نهاية العام 2019، وفي المقابل بلغت قيمة الاستثمارات الصينية في المملكة 29 مليار ريال بنهاية العام 2021.
ورغم قوة ومتانة العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تربط بين البلدين، إلا أن المملكة تسعى إلى بناء شراكة استراتيجية أعمق مقارنة بما هو عليه واقع الحال، وبالذات على جانبي التجارة والاستثمار بحيث تصبح المملكة الشريك الاستراتيجي الأول الموثوق للصين في المنطقة، سيما وأن المملكة استحوذت على أكثر من 20.3 ٪ من استثمارات الصين في العالم العربي بين العامين 2005 و2020 والبالغة 196.9 مليار دولار، ما جعل المملكة أن تصبح أكبر الدول العربية استقبالاً للاستثمارات الصينية خلال تلك الفترة بنحو 39.9 مليار دولار.
من المهم جداً الإشارة إلى أن حرص المملكة على تنمية العلاقات مع دولة الصين يأتي في سياق توجهها الاستراتيجي لتعزيز شراكاتها الثنائية مع جميع الدول والقوى الدولية المؤثرة، سيما وأن الاقتصاد الصيني يُعد الاقتصاد الثاني الأكبر والأضخم على مستوى العالم بعد الاقتصاد الأميركي، حيث يمثل الاقتصاد الأميركي ما نسبته 23.95 % من إجمالي الاقتصاد العالمي في حين يبلغ وزن الاقتصاد الصيني 17.74 %.
كما أن حرص المملكة على إقامة علاقات متينة ومتوازنة مع الصين لخدمة أغراضها التنموية والاقتصادية، يأتي من اهتمامها للمواءمة بين مبادرة "الحزام والطريق" ورؤيتها 2030، بما ذلك تطوير التعاون بين البلدين في مجالات عدة، مثل: الاقتصاد، والتجارة، والنقل، والبنية التحتية، والطاقة، وكذلك المجالات الناشئة، مثل: تقنية الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والبيانات الكبيرة.
وهناك كذلك رغبة من المملكة والصين بتحقيق تنمية عالمية أكثر قوة واخضراراً وصحة، والذي بدوره سيعزز من العلاقات فيما بينهما، وبالذات المرتبطة بالمحافظة على البيئة، سيما وأن دولة الصين دعمت مبادرة "الشرق الأوسط الأخضر" التي أطلقها سمو الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء، ورحبت بانضمام المملكة إلى مبادرة التنمية العالمية التي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، لتوجيه التنمية العالمية نحو مرحلة جديدة من النمو المتوازن والمنسق والشامل لتسريع تنفيذ أجندة العام 2030.
يذكر أن اللجنة السعودية الصينية المشتركة رفيعة المستوى، والتي يرأسها من الجانب السعودي سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ورئيس مجلس الوزراء -حفظه الله-، ومن الجانب الصيني نائب رئيس مجلس الدولة هان تشنغ، تقود الجهود القائمة من حكومتي البلدين لزيادة التنسيق في الشأنين السياسي والأمني، وتعزيز أوجه التعاون في الجوانب التجارية والاستثمارية، والطاقة، والثقافة، والتقنية.




http://www.alriyadh.com/1986283]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]