ذهبت لإنهاء معاملة في إحدى البلدان المجاورة، ولكن موظف الاستقبال أخبرني أن مقدمي الخدمة لا يتعاملون مع الجمهور وجها لوجه، وإنما من خلال الوسائط الإلكترونية. وشرح لي أن ذلك يتطلب استخدام شريحة هاتف محلية، لأن الموظف الذي سوف يتصل، للتفاهم حول الوثائق المطلوب إرسالها لن يفعل ذلك، عندما يجد أن رقم الهاتف سعودي، حتى لا يتحمل تكاليف المكالمة- ولهذا اشتريت شريحة محلية.
ولكن، عند حجز الموعد على التطبيق الإلكتروني المخصص لذلك عندهم، لم أجد فرصة متاحة، إلا بعد 15 يوماً، فحجزت، وعدت بعدها أدراجي إلى البلد. وفي اليوم المحدد للمكالمة الساعة 12:00، جلست أنتظر، حيث كان التطبيق يعد الدقائق المتبقية على موعد الاتصال بي. وعندما حان الموعد، طلب مني التطبيق الانتظار لأن الموظفين مشغولون بمعاملات أخرى. وهكذا جلست أنتظر ساعتين، حتى إعلان التطبيق أن الخدمة قد قدمت لي، وذلك قبل أن يغلق ملف التعامل معي.
وشيء من هذا يحدث، عندما نرغب الذهاب إلى الجهات الحكومية في المملكة، حيث تطلب تلك الجهات، حجز موعد إلكتروني مسبق قبل زيارتها. وأحياناً لا تحصل على الموعد إلا بعد 4 أو 5 أيام. فأين نحن، عن أيام زمان عندما كنا ننهي معاملاتنا في نفس اليوم، بعد الوقوف في الطابور عدة ساعات. وهذا ليس حنين للماضي، مع حبنا له، وإنما تساؤل عن الهدف من استخدام الوسائط الرقمية والمنتجات التكنولوجية المتقدمة؟
إن المعاملة التي لم تنجز حتى الآن، في الحالة الأولى، كنت في السابق انهيها بعد ساعتين إلى 3 ساعات انتظار. بينما سوف أكون مضطراً الآن لطلب مساعدة من شخص آخر لإنهاء معاملتي، مقابل أتعاب. ولذلك، كان من المنطق في بلداننا الخليجية أن يفتحوا نافذة غير إلكترونية للتعامل مع معاملات سكان دول الجوار، إذا كانوا من غير المقيمين، ولا يملكون شرائح اتصال محلية.
بالمثل، فإن المعاملات التي ننهيها في بلدنا من خلال الوسائط الرقمية، هي الأخرى، تحتاج إلى إعادة النظر فيها، بحيث تعكس لغة العصر ليس فقط من خلال استخدام الوسائل الرقمية، وإنما الأهم، من خلال الإسراع في إنجاز المعاملات. فمن غير المنطقي، إن الخدمات قبل العصر الرقمي كانت تنجز في فترة زمنية أقل من الفترة التي تتم بها الآن، بعد استخدام الوسائط الإلكترونية.
إن رفع الإنتاجية، هي العصى السحرية، المحركة للتقدم التكنولوجي. والإنتاجية في الحالة التي نتحدث عنها يمكن تلخيصها في عدد المعاملات التي ينجزها الموظف في اليوم أو في الساعة قبل وبعد استخدام الوسائل الرقمية، فإذا كانت المعاملات تنجز خلال ساعات سابقاً، والآن تحتاج انتظار عدة أيام، فذلك يعني أن الإنتاجية فيما مضى كانت أعلى مما هي عليه الآن.
http://www.alriyadh.com/1995812]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]