هذا الشعب أصبح محط أنظار كل من يزور المملكة من حجاج ومعتمرين وسائحين، يبهرهم بكرمه وأخلاقه، وفي حبه لبلده، هذه الأخلاق وهذه القيم يمكن تعزيزها وجعل هذا الشعب قدوة لبقية شعوب العالم..
شعب قوي وشهم، كريم إلى أبعد الحدود، يحب الخير للغير، مجتمع متحاب ومتجانس تجمعه المواطنة، فلا مذهبية ولا حزبية أو مناطقية. يمتاز بحبه الشديد لبلده وقيادته وعشقه للحياة. مبادر ومعطاء بدليل ذلك العدد الكبير من الجمعيات الأهلية غير الربحية التي تنتشر في كل أرجاء المملكة، بل إن كل فرد سعودي هو جمعية أهلية، حسب إمكاناته وقدراته، يجود بوقته وماله في سبيل مساعدة الفئات الأضعف في المجتمع، كذوي الإعاقة وكبار السن والأيتام والأرامل وغيرهم. قبل أيام أتيحت لي فرصة لقاء ثمانين يتيماً ويتيمة من الأحساء، بترتيب من القائمين على مركز تكامل لرعاية الأيتام والتابع لجمعية البر بالأحساء، بدعوة من مدير المركز الزميل الدكتور عبدالله الجغيمان، ومثل هذا المركز توجد مراكز كثيرة بعضها يتبع جمعيات البر، وبعضها مستقل، وتنتشر من حفر الباطن إلى جازان، ومن الخبر إلى ينبع، يقوم عليها رجال ونساء نذروا أوقاتهم وأموالهم لرعاية هذه الفئة التي حرمت من أحد الوالدين أو كلاهما، والجميل في هذه المراكز والجمعيات أنها ليست لكفالة المسكن والمأكل فقط، لكنها للتعليم والتدريب والتهيئة للحياة الكريمة الناجحة، مما جعل الأيتام يتفوقون على غيرهم في الأداء في كثير من مراحل الدراسة.
ولا تقتصر الأيادي البيضاء لهذا الشعب الوفي الكريم على الأيتام، لكنها تمتد إلى كل الفئات المحتاجة للمساعدة داخل المملكة وخارجها، هذا الشعب أصبح محط أنظار كل من يزور المملكة من حجاج ومعتمرين وسائحين، يبهرهم بكرمه وأخلاقه، وفي حبه لبلده، هذه الأخلاق وهذه القيم يمكن تعزيزها وجعل هذا الشعب قدوة لبقية شعوب العالم بالخطوات الآتية:
أولاً: بعث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ليتمم مكارم الأخلاق، وبدون الأخلاق تصبح العبادات عادات وطقوس لا تأثير لها على سلوك الفرد والمجتمع، والعالم في هذا الوقت بالذات بأشد الحاجة إلى الأخلاق، ذلك أن الحرية بلا ضوابط وأخلاق هي انفلات وممارسات خاطئة ومُضِرة، وهذا يحتم أن نركز في تعليمنا وخطب الجمعة على الأخلاق أكثر بكثير من العبادات. فالمعاملات من صدق وأمانة ورحمة هي ما يجب أن يميز المسلم عن غيره من الناس، ولم ينتشر الإسلام في أماكن كثيرة من العالم إلا لوجود أمناء صادقين تمثلوا الدين بصفائه وتعليماته السمحة.
ثانياً: التعليم هو سبيلنا لزرع القيم والعادات الحميدة ومكافحة العادات المضرة، وكل تعليم لا يركز على بناء الإنسان في بدنه وعقله هو تعليم تلقيني ناقص، هدفه الشهادة وحشو أكبر كمية من المعلومات داخل أدمغة الطلبة، نحتاج لتعليم يبني شخصية الطالب ويزرع القيم النبيلة بالممارسة والتطبيق، فعلى سبيل المثال حين نتحدث عن الأمانة يجب أن نكافح الغش في المدرسة والجامعة، وحين نتحدث عن أهمية الوقت يجب أن يدخل المعلم أو الأستاذ الجامعي إلى فصله في الوقت المحدد، يجب أن تكون المدارس والجامعات سباقة في حث طلبتها على التطوع لخدمة الآخرين والعناية بالبيئة المحيطة، ويجب أن نفعل المسرح لتأصيل القيم ورفع قيمة الفن، وتكثيف النشاط الكشفي وما به من تدريب على القيادة والعمل الجماعي وأسس السلامة وحماية البيئة، والمشاركة في أعمال الحج والعمرة.
ثالثاً: للمواطن حقوق وعليه واجبات، ضمنتها وبينتها الأنظمة التي من أهمها النظام الأساسي للحكم. كما ركزت رؤية المملكة 2030 على كل ما له علاقة بالحياة الحرّة والكريمة للمواطن، ومن بين برامج الرؤية برنامج بجودة الحياة، ومن أهم عوامل تحقيق جودة الحياة تلمس حاجات المواطن والعمل على تأمينها، ومكافحة الغلاء، ومن أهم مؤشرات جودة الحياة في أي بلد وجود التعليم الجيد لكل مواطن، وتوفر الخدمات الصحية للجميع دون استثناء، فالتعليم بكل مراحله هو أهم أسباب مكافحة الفقر وزيادة أعداد أفراد الطبقة المتوسطة، وهي الطبقة الأهم التي تضمن تماسك المجتمع ومكافحة أمراضه كالفقر والمخدرات والجريمة، ومن واجب الوزارات والهيئات المعنية، وكليات الدراسات الاجتماعية في الجامعات القيام بدراسات لمعرفة مدى تحقق جودة الحياة، وما الصعوبات التي تواجه المواطن والمقيم؟ وما الحلول لتلك الصعوبات إن وجدت؟
هذا الشعب الطيب المحب، والكريم المعطاء، والمخلص لوطنه وقيادته يستحق كل ما يقدم له من حقوق وخدمات، ويستحق كل ما يخطط له في المستقبل ليصبح مثال يحتذى على مستوى العالم، لقد وضحت الرؤية، وصحّ العزم، وعلينا أن نواصل المسير دون أن نلتفت للوراء، أو لمن يشكك في قدرات هذا المواطن الشهم والوطن العظيم.




http://www.alriyadh.com/1997027]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]