التعديلات واللوائح التي أقرتها وزارة العدل، في الفترة الماضية، ومخرجات الاستفتاء المنتظرة، ستسهم بالتأكيد في القضاء على العشوائية وحالة الفوضى الموجودة في مهنة المحاماة، وسترفع من جودتها وقـــدرتها على المنافســـــة..
في 23 مارس الجاري سيتم إغلاق الاستفتاء على تعديل اللائحة التنفيذية لنظام المحاماة السعودي، والذي تتشارك في إجرائه وزارة العدل وهيئة المحامين السعوديين، وهو يهتم بتعزيز بيئة الأعمال والتنافسية في المملكة، ويحرص على منافسة ما يحتاجه المستثمرون وأصحاب الأعمال، وتحديداً في مجال الخدمات القانونية في القطاعات المختلفة، وبشكل يكفل تحقيق العدالة الوقائية، وقد أقرت في 13 مارس 2022 تعـديلات على نظام المحاماة، وذلك بعد 21 عاماً من صدوره لأول مرة، وتم إيقاف (الدعوجية) والوكلاء من تمثيل موكليهم أمام القضاء بصورة نهائية، وفتح الباب لمكاتب المحاماة الأجنبية في الحصول على ترخيص لممارسة المهنة داخــــل الأراضي السعودية، مع مــــلاحظة أن الترافع أمام المحاكم المحلية يبقى حقاً أصيلاً للمحامي السعودي المرخص دون غيره.
وزارة العدل السعودية أوضحت أسباب الترخيص لمكاتب المحاماة الأجنبية، وأنها تأتي لرفع كفاءة المنظومة العدلية، ونقل وتوطين الخبرات العالمية في هذا المجال، حتى تواكب التطور القانوني المتسارع وأنظمة الاستثمار الجديدة في المملكة، بالإضافة إلى تمكين المحامي السعودي من التعرف على القضايا الدولية وتطبيقاتها، والسماح له بالعمل ضمن طواقم شركات تمثل ماركات تجارية مشهورة في عالم المحاماة، وبما يخرجه من الأدوار الثانوية التي يمارسها، فما يقوم به أهل المحاماة المحليين، في الوقت الجاري، لا يتجاوز ما نسبته 10% من أنشطة المحاماة الفعلية في معظم دول العالم المتحضر، لأنها تهتم بالجانب الاستشاري وبنسبة تصل إلى 90 %، وتترك البقية لأعمال التقاضي، والإحصاءات الرسمية تشير إلى زيادة ملحوظة في إجمالي المحامين المواطنين، فقد وصلت أعدادهم إلى 14 ألف محامٍ مرخص من الجنسين، وهذه الأرقام ستتضاعف في مقبل الأيام.
لائحة المحاماة الأجنبية أعدتها وزارة العــــدل بالشراكة مع وزارات التجارة والاستثمار والموارد البشرية، وفيها اشتراطات مدروسة بعناية لمنح الترخيص، أهمها: السمعة الدولية المتميزة في مزاولة المهنة، وأن يكون قد مضى على تأسيس مكتب أو شركة المحاماة ما لا يقل عن عشرة أعوام، بجانب وجود مقرات فعلية تمثلها، وذلك في ثلاث دول متقدمة من الناحية الاقتصادية، وفي حالة الترخيص يجوز لها فتح مكتب بدون شريك سعودي، ولكن بخدمات قانونية محدودة جداً، ومقيدة بالقانون الدولي والأنظمة غير السعودية، ومعها خدمات التحكيم والوساطة والمشروعات النوعية والمتخصصة، وعند الشراكة مع محامٍ سعودي لا بد وأن تتوفر في الأخير خبرة لا تقل عن سبعة أعوام، ونسبة السعودة في هذا النوع تتراوح ما بين 50 % إلى 70 % من إجمالي العامليـــن، والمكاتب الأجنبية لن تزاحـــــم نظيراتها السعودية، ووجودها سيرفع من جودة واحترافية العمل وسيضبط الأسعار.
لا بد من الإشارة كذلك إلى أن القضاة أو من في حكمهم، ومنذ قرابة الثلاثة أشهر، أصبحوا ممنوعين خلال أول ثلاثة أعوام من تركهم العمل، من أن يعرفوا بوظائفهم السابقة عند اشتغالهم بمهنة المحاماة، أو يترافعوا ويقدموا مشورة في محكمة سبق وأن عملوا بها في آخر عامين، أو يعطوا رأياً في قضية لو نظرت سترفع إلى محكمة أعلى لهم تجربة عمل فيها، وما سبق جاء في إطار حماية النزاهة ومكافحــــة الفساد، وتوجد ضــــوابط تأديبية لمحاسبتهم من الناحية الإدارية والجنائية حسب الحالة.
الشيء الآخر هو تعديل فقرة مهمة في المادة 31 من نظام القضاء السعودي، والمساواة بين خريحي كليات الشريعة وكليات الأنظمة والقانون والحقوق في شغل وظائف القضاة، بعد أن كانت حكراً على خريجي الشريعة وحدهم، والأعجب إلزام غير الشرعيين الراغبين في السلك القضائي، ببرنامج تأهيلي بعد التخرج مدته عامين يقام في المعهــــد العالي للقضـاء، وفي المقابل أُوقف برنامج للأنظمــة في معهد الإدارة العامة، رغم أنه غير ملزم لهم، ومحكوم بالرغبة في الاستزادة وتوسيع دائرة المعرفة، وقد صمم لمن يرغب من الشرعيين في ممارسة المحاماة، لأنهم باعترافهم لا يدرسون الأنظمة والقوانين في كلياتهم، ومن ثم يحكمون ويترافعون في القضايا الشرعية، ويصرفون الأموال على الخبراء والمستشارين القانونيين، من العرب والأجانب، لأخذ رأيهم المهنـــــي في القضايا المدنية أو المحكــــومة بأنظمة وقوانين.
التعديلات واللوائح التي أقرتها وزارة العدل، في الفترة الماضية، ومخرجات الاستفتاء المنتظرة، ستسهم بالتأكيد في القضاء على العشوائية وحالة الفوضى الموجودة في مهنة المحاماة، وسترفع من جودتها وقـــدرتها على المنافســـــة، وتلزم المحامين بالسلوكيات المهنية وسرعة الاستجابة في تعاملهم مع الموكلين، وتضبط ظهورهم المتهور في الإعلام وعلى منصات السوشيال ميديا، ولا أنسى أيضاً ضرورة توحيد الكليات التي تخرج القضاة والمحامين، واختصارها في كليات الحقوق أو القانون، وبحيث تشتمل على مناهج الشريعة والأنظمة والقانون معاً، وبما يمكن خريجيها من إكمال دراستهم في الخارج، وينسجم مع المعمول به في كل دول العالم، وأتصور أنها لا تختلف عن تغيير الادعاء العام إلى النيابة العامة، ومؤسسة النقد إلى البنك المركزي، ولعلها مسؤولية مشتركة بين وزارتي العدل والتعليم.




http://www.alriyadh.com/2003230]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]