والمقصود بالتشوه المروري هنا ليس ازدحام الطرق فقط، بل التشوه المروري الأهم الذي تعاني منه مدننا ومنها العاصمة الرياض هو فوضى سلوك قيادة المركبات وعدم التقيد بأنظمة المرور وعدم القيادة بفن وذوق، مما يجعل مرتادي الطريق في حالة ارتباك وقلق وخوف شديد من متهور يريد التجاوز من أي جهة وآخر يلصق مقدمة سيارته في مؤخرة سيارتك ليجبرك على الانحراف للمسار الآخر حتى لو كان مزدحما وإن لم تفتح له الطريق فإنه سيجبرك على السير بنفس سرعته أو سيصدمك عند أي توقف مفاجئ، وثالث بمجرد أن تشغل إشارة الانعطاف يصر على أن يعاندك ويدخل من نفس الجهة التي تريد أن تنعطف إليها، وكأن الإشارة استفزته فقرر منعك من الانعطاف.
تلك السلوكيات و(التشوهات المرورية) لاتزال الرقابة المرورية غير قادرة على رصدها كمخالفات فورية وآلية لأنها تحتاج لمرور سري مكثف ومطاردة للمخالف وتصويره بالجرم المشهود على طول الطريق، فهذه المخلوقات الغريبة سريعة جدا ومتهورة ومخيفة للسائق والسائقة الملتزمين الهادئين اللذين يحترمان النظام وحق الآخرين في الطريق.
وحقيقة فإن عبارة (غير قادرة على رصدها) فيها كثير من التلطف، فالحقيقة أن بعض دوريات المرور غير جادة في رصد تلك السلوكيات كمخالفات، وتركز على الرصد الآلي للسرعة وربط الحزام واستخدام الجوال، لذا يفترض أن نفرق بين الرصد الآلي للمخالفات التي تغطيها (الكميرات) وأجهزة الرصد وبين رصد السلوكيات المتهورة التي تستوجب تكثيف الدوريات السرية والمتعاونين لإجبار هؤلاء على احترام حق الآخرين في الطريق.
إن التشوه المروري المتمثل في فوضى قيادة المركبات والسلوكيات المستفزة هو ما جعلنا نخشى قيادة السيارة في مدن مثل القاهرة وإسطنبول وبومباي وحتى أثينا، وأحيانا نتردد في اختيارها كوجهة، بينما نرتاح للقيادة في مدن أكثر ازدحاما مثل لندن وباريس ولوس أنجلس، لأنك في تلك المدن ستكون آمنا إذا أجدت اتباع نظم السير وستجد نفسك موقوفا فورا إذا خالفتها بقصد أو بغير قصد.
لقد نجحنا نجاحا باهرا في جعل مدننا جاذبة بيئيا وبصريا وترفيهيا وتجاريا ولا يشوهها حاليا إلا السلوك المروري، وأرى أن التشوه المروري أهم من التشوه البصري وأخطر وأجدر بسرعة المعالجة.




http://www.alriyadh.com/2006028]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]