دق حديث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أثناء زيارته للصين الأسبوع الماضي بإشارته إلى أن الأوروبيين لا يجب أن يكونوا أتباعا للولايات المتحدة بخصوص مواجهتها مع الصين بشأن تايوان، إسفين التغيّر الأول في مستقبل العلاقات السياسية الدولية الجديدة مع القطب الأمريكي المتحكم.. وحمل تعبيرا عن القلق الذي أوجدته الحرب الروسية الأوكرانية.. والتأكيد فيه أن استمرار اشتعالها ينبئ أن الغرب الأوروبي بات مترددا متضعضعا حائرا يفقد كثيرا من ثقته وقوته.
ليس خطاب الرئيس الفرنسي فقط بل جميعها عناوين كبرى من قادة أوروبيين مهمين تحمل عبارات لحظة التراجع.. الثقة.. فماذا لدى أوروبا لتحمي نفسها بعد أن انكشف أن تبعيتها لأمريكا تعني مواجهتها روسيا ثم الصين؟، وبما يفضي إلى دمار شامل إذا أزفت ساعة الحرب الكونية الثالثة.. ولا سبيل لإنقاذ أوروبا! فغير أن شبح الدمار والنووي يقض مضجعها فهي تختنق من التضخم وتزايد البطالة.. وتراجع العملة لأرقام غير مسبوقة تاريخيا.
السيناريو القائم يصور أوروبا كجريح مربوط.. يريد النجاة.. فلا قدرة على مواجهة الدب الروسي.. ولا حيلة أمام المد الصيني.. هي تترنح ولن يستطيع التضليل الإعلامي والضجيج المستمر وبضع دبابات وقليل من دعم "لوجستي" أن يعيد روسيا إلى ما قبل الحرب على أوكرانيا، لذا فأوروبا أصبحت تعيش حالة انفصام تاريخية قريب من انهيار اقتصادي ومعنوي كبيرين!
وقع الصدمة كشف أن أوروبا لم تتوقع ما يحدث، لذا ظهر التمرد على التوجيه الأمريكي أكثر جرأة ويرتفع شيئا فشيئا.. ولن يجدي الدور الإنساني والإعمار الذي تعد به أوروبا بعد الحرب والتذكير بما فعلته معه إبان مشروع مارشال لإعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.. والصادم أكثر أن الصين دخلت على خط الحرب لترتفع حدة تهديدها لتايوان مع دعمها لروسيا.. وهو ما يعني أن تبعية أوروبا لأمريكا ستنقاد إلى موقع آخر للحرب قريب من الصين!
الأكيد الآن أن ما يسمى بموقع الأزمات الاقتصادية والحروب وحتى تنافر الأيدولوجيات قد استقر في شمال أوروبا ووسطها.. وبما جعل الخطاب الأوروبي الحالي مرتبكا وخائفا والسيناريو القائم لا يحقق الأهداف التي رسمه لها الحليف الأكبر.. فالاتحاد السوفيتي في آخر الثمانينات لم يكن ضعيفا عسكريا لكنه تفكك وأنهار لأن اقتصاده وتماسكه المجتمعي الداخلي بين مكوناته المتلاصقة من الدول لم يكونا سليمين.. والتاريخ يؤكد على أن هذين العاملين هما الأشد والأهم في سبب انهيار الدول قديما وحديثا!
المهم في القول إننا لا ندعي علما وأيضا ليست أمنيات فكثير من الكتب والرؤى واللقاءات لكبار المفكرين والسياسيين تشير إلى تغيير في مستقبل السياسة والصراع، وهي صدرت وفق تقديراتهم وقراءاتهم الجلية على الأرض، وحسب تأكيداتهم أن الانهيار الاقتصادي الأوروبي سيأتي أسرع مما نتخيل ولننظر الآن إلى الدول المترنحة اقتصاديا من بريطانيا وفرنسا إلى إيطاليا وإسبانيا وهلم جرا.. وكلّه بسبب التبعية!
http://www.alriyadh.com/2007504]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]