لطالما كانت الرواية مصدراً لنقل المعرفة والأفكار وأخبار الأمم والحضارات، ومرجعاً لفهم الثقافات المختلفة من عادات وتقاليد وغيرها. عبر سرد قصص حياة مجموعة من الأشخاص والأحداث المختلفة التي مروا بها، ومهما اختلف مضمونها سواء أكانت رواية تاريخية أو رواية لقصة تحدث في زمننا الحالي فقد كانت تحمل في طياتها مجموعة من التفاصيل التي تجسد لنا الواقع والزمن الذي يعيش به أبطال القصة وما يملكونه من أدوات وتكنولوجيا وطبيعة الحياة التي يعيشونها، سواء أكانت في الريف أو المدينة فأنت ستنتقل عبر تصوير الكاتب الأحداث والقصص إلى ذلك المكان وتجد نفسك تعيش تفاصيل القصة وتندمج مع واقعهم بتفاصيله الدقيقة.
وهنا تظهر مهارة الكاتب الإبداعية لنقل واستشراف الواقع والمستقبل؛ فكلما كانت ثقافة الكاتب أوسع وأكثر اطلاعاً على العالم ومتغيراته والأحداث التي يمر بها كانت قدرته أكبر على استشراف المستقبل وتوسيع أفق القارئ، واستشراف المستقبل ليس توقعاً لمجموعة من الغيبيات فقط بل تعبير من قبل الكاتب لواقع يتمنى أن يغيره ويعبر من خلاله عن أمل الشعوب وطموحاتهم في الحصول على واقع أفضل، تجسيد لأحلام تمر في خواطرهم وتعبير لأفكارهم في الانتقال إلى مستقبل يحمل مزيداً من الأمل والتفاؤل بعيداً عن واقع يعيشه الإنسان.
وعندما نتحدث عن روايات المستقبل فبالتأكيد يحضر الخيال العلمي وعوالمه المدهشة والمختلفة، إن اختيار مواضيع الروايات تتحكم فيها ذائقة الكاتب والمتلقي، فلماذا علينا قراءة رواية تاريخية أو اجتماعية أو رواية خيال علمي، أو رواية تاريخية؟ الواقع أن لكل ثيمة من ثيمات الرواية جمالها وحاجتها وعمقها، فالرواية التاريخية مثل رواية "قصة مدينتين" لتشارلز ديكنز عام 1859م، ورواية "الحرب والسلام " لتولستوي عام 1869م، ورواية المنفلوطي "في سبيل التاج" عام 1920م، ورواية "أنا كلوديوس" لروبرت جريفز عام 1934م، وغيرها من الروايات التي كانت تتحدث عن الحروب والمجتمعات في تلك الفترات وقد نقلت لنا جزءاً كبيراً من تاريخ تلك الشعوب عبر الرواية التاريخية، ولكن الرواية المستقبلية أو رواية الخيال العلمي كانت شرارة لبناء واكتشافات علمية بالإضافة إلى أنه ليس لها حدود وتعطي مساحات أكبر للخيال دون تنميط أو قولبة، إلا أن الرواية العربية التي تستشرف المستقبل جاءت بشكل مختلف نوعاً ما، حيث جاءت امتداداً للحاضر الذي نعيشه، واستشراف المستقبل ركز على التحول والتغير في المدن وحضور التكنولوجيا، ولم تركز على الخيال العلمي الذي يتنبأ بطرق بديلة للحياة معتمداً على التطبيقات التكنولوجية المتغيرة.




http://www.alriyadh.com/2007682]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]