جربت أمازون استخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة السير الذاتية التي تردها بمئات الألوف، فخرجت من التجربة بفوائد مهمة لم تكن متوقعة. للاستفادة من الذكاء الاصطناعي عالي الكفاءة في الأعمال المركبة والمكررة، صممت أمازون نموذجاً تتعلم فيه من السير الذاتية لموظفيها، لتبني بها اختياراتها في السير الذاتية الجديدة.
كانت المشكلة التي تريد حلها مناسبة للذكاء الاصطناعي، وستوفر عليها مبالغ كبيرة إذا نجحت، فليست كل المشكلات قابلة للحل بالذكاء الاصطناعي، إنما النماذج التي تبنى تتطور لتتسع دائرة ما يمكن حله، ففي وقت سابق، كان من غير المعول عليه قراءة السير الذاتية الورقية آلياً، حيث لم تكن التقنية ناضجة بما يكفي.
كانت أمازون قد حققت أعلى النتائج دقةً في قراءة النصوص آلياً مع منافستها غوغل، من حيث القدرات التقنية، كانت أمازون مهيئة أكثر من غيرها للنجاح في مشروعها الذي سيفتح آفاقاً كبيرة لتطوير قدراتها في استقطاب الكفاءات داخلياً، إضافة إلى فرص تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي لمنتجات وخدمات مماثلة مستقبلاً.
نفذت أمازون المشروع بنجاح أول الأمر، حيث تدرب النموذج بعد تمريره على السير الذاتية لموظفي الشركة واختار النموذج السير الذاتية الجديدة كما هو متوقع له ضمن مقاييس النجاح الفنية، كان النقاد ومنهم الفيلسوف الأميركي جون سيرل، يضعون الذكاء الاصطناعي تحت ضغط كبير لإثبات نفسه حيث وضعوا له سقفاً لا يمكن تخطيه، كانت التجربة توحي أن أمازون توشك أن تتجاوز ذلك السقف.
بعد التجارب الأولية، استخدم موظفو الموارد البشرية النظام على الهامش، راقب الموظفون النتائج التي يصدرها النظام، ومع الوقت تكشف لهم أمر لم يكن متوقعاً: كان النظام يختار الرجال دون النساء. كان الانحياز ضد النساء شديداً، فعدل النظام في نسخة جديدة، بإزالة أي تصنيف يعتمده النظام لمفردات تدل مباشرة على الرجال أو النساء كاسم المتقدم أو أسماء الجامعات النسوية، إلخ. بعد تجربة النظام، ظهرت المشكلة مرة أخرى.
كشفت كفاءة النظام عن مشكلات عميقة غير متوقعة في اختيار المهندسين، فقد تعرف النظام إلى أسلوب كتابة السير الذاتية لموظفي الشركة الذي تبين أن أغلبيتهم من الرجال، بمعنى آخر، أعاد النظام إنتاج قرارات سابقة مدفونة في ملفاتها لا توافق مبادئها.
أوقفت الشركة النظام مدركة أن الذكاء الاصطناعي يستطيع تنفيذ الأعمال الميكانيكية بدقة، إنما ليس في قدرته أن يعي البنية العميقة للبيانات التي يتعلم منها، كانت النتيجة التي وصلت إليها من هذه التجربة العملية هي ما فرق به سيرل بين قدرة الذكاء الاصطناعي على التعرف على الأنماط وفشله في فهم معناها. ولعل تجربة أمازون من أهم الشواهد على صحة ما ذهب إليه سيرل الذي أعاد إلى الفلسفة بعض اعتبارها أيضاً، بعد أن أخرجت أدواتها وموضوعاتها من التاريخ.
http://www.alriyadh.com/2008977]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]