النهج السعودي مع الإخوة في اليمن لن يتغير ولن تتوقف السعودية عن دعم الشعب اليمني اقتصاديا وسياسيا، وقد ثبت بلا شك أن علاقة المملكة العربية السعودية باليمن هي علاقة دولة بإنسان بعيدا عن السياسة..
التحدي الأكبر الذي يواجه فهم العلاقات السعودية اليمنية من قبل الآخرين يتمثل في أن التركيز على القراءة السياسية البحتة هو مصدر التصور لهذه العلاقة، ولذلك نجد أن هناك اجترارا لتاريخ هذه العلاقة في مسارات مختلفة، والحقيقة أن الواقع يثبت الارتباط الاجتماعي والثقافي العميق بين الشعبين من خلال رعاية مميزة من القيادة السعودية، ففي السعودية دائما ما كانت الجالية اليمنية هي الأكبر بين الجاليات، وهي من الجاليات الأكثر قدماً في تواجدها في السعودية، ولذلك فإن تصنيف العلاقة السعودية اليمنية له بعد إنساني واجتماعي هو أكثر تأثيراً في صياغة هذه.
وفي هذا السياق يمكن طرح الفكرة الأكثر دلالة على أن العلاقات السعودية اليمنية أعمق في تصورها، فعلى الرغم من الحرب لسنوات مضت فلم تنتقل تأثيرات هذه الحرب إلى مساحات أبعد من كونها أزمة سياسية وعسكرية طارئة سوف يتم تجاوزها، ولذلك فلم يتعرض أي يمني موجود في السعودية لتقييم مرتبط بجنسيته، فقد كانت الحدود مفتوحة رغم الحرب والتحويلات المالية لدعم الاقتصاد اليمني متاحة والتنقلات سهلة، ولم تتوقف الزيارات والإجراءات وحتى استقدام العاملين من اليمن.
عندما نستعرض هذا الموقف السعودي مع الجالية اليمنية نكتشف أن ما يحدث معاكس لكل ما يسوقه لنا التاريخ في مثل هذه الأزمات بين الدول المتجاورة، ففي تاريخ الحروب عندما تتصارع دولتان جارتان يتم إغلاق الحدود ويتم التضييق على جالية تلك الدولة ومحاولة معاقبة حكومتها من خلال الضغط الاقتصادي على المغتربين من تلك الدولة، ولكن هذه لم يحدث مع السعودية بل كان يتم التعامل مع الموقف وكأن شيئا لم يكن، لقد كان الخطاب السياسي للقيادة السعودية واضحا "بأن الشعب اليمني يتمتع بتعامل خاص من الحكومة والشعب السعودي".
سياسياً عانت المملكة خلال المئة عام الماضية من أزمات متكررة على حدودها الجنوبية ورغم ذلك لم يذهب أي من ملوك المملكة العربية السعودية إلى جعل الإنسان اليمني متغيرا متحركا في تلك الأزمات، لقد كان الإنسان اليمني رغم كل الظروف خارج الحسابات السياسية، فالقيادة السعودية ظلت متمسكة بموقفها تجاه الشعب اليمني بعيدا عن السياسة رغم كل ما يحدث.
لقد ظل الإنسان اليمني محل ترحيب دائم على أرض المملكة من القيادة السعودية ومن ثم الشعب، عملياً يمكن القول بأن الإنسان اليمني لم يغب عن المجتمع السعودي منذ توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز -رحمة الله-، فالجالية اليمنية هي الجالية الوحيدة التي تتوزع في جميع مجالات العمل فهناك الطبيب والمهندس والمختص والتقني وهناك الحرفي والعامل وهذا يعني أن هذه الجالية موجودة في جميع المهن المتاحة في سوق العمل في المملكة، كما أن الكثير من أبناء هذه الجالية ممن ولدوا على الأرض السعودية لا يرون أنفسهم سوى أنهم سعوديون ولدوا ونشؤوا على هذه الأرض بل يستحيل عليهم مغادرتها.
من الناحية الاجتماعية فإن العلاقات الاجتماعية التي يتمتع بها الشعب اليمني في السعودية تتجاوز فكرة العمل إلى فكرة العلاقات القرابية والمصاهرة أحياننا وخاصة على الحدود بين البدلين، فطول الحدود اليمنية السعودية خلقت شبكة من التداخلات الاجتماعية والثقافية، عبر هذا التقارب الطويل بين السعودية واليمن أصبحت الدعم الإنساني للشعب اليمني أحد مقومات السياسة السعودية عبر التاريخ، فمهما كان نوع الأزمة أو حجمها ظل للإنسان اليمني حالة وتعامل مختلف.
اليوم يعيش بيننا في السعودية ما يقارب ثلاثة ملايين ونصف المليون يمني، ولكي نفهم أن الإنسان اليمني لم يكن يوما ضمن الحسابات السياسية رغم الأزمات الدائرة، فقد أعلنت السفارة السعودية في اليمن قبل أيام أنها ومنذ العالم 2018 م وحتى اليوم أصدرت أكثر من نصف مليون تأشيرة عمل وثلاث مئة وخمسين ألف تأشيرة زيارة عائلية لعموم اليمن وليس من مناطق بعينها.
الدلالة السياسية التي تدعو للتوقف تتمثل في فهم التفسير المباشر لهذه الموقف السعودي عبر التاريخ، فلا يوجد دولة في هذا العالم استطاعت أن تفصل بهذا الشكل الكبير بين مواقفها السياسية والإنسانية تجاه جيرانها سوى السعودية التي تحتضن الإخوة من اليمن وتوفر لهم الإمكانات وتساهم بدعم كبير للاقتصاد اليمني عبر عدة مسارات مباشرة وغير مباشرة، هذه الموقف بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- نقطة ناصعة في جبين التعامل الإنساني الحقيقي، هذا النهج السعودي مع الإخوة في اليمن لن يتغير ولن تتوقف السعودية عن دعم الشعب اليمني اقتصاديا وسياسيا، وقد ثبت بلا شك أن علاقة المملكة العربية السعودية باليمن هي علاقة دولة بإنسان بعيدا عن السياسة.




http://www.alriyadh.com/2009085]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]