في نشر محاسن الأخلاق والتأسي بأهل الوفاء من قيادتنا المباركة في مواقفهم نشر للإسلام وإظهار محاسنه، وفيه إبراز ما يتميز به هذا البلد وقيادته وشعبه من الإنسانية والرحمة والإيثار والكرم حتى يستديم ذكر هذا البلد بالخير والعطاء والكرم والمواقف أرضًا وشعبًا وقيادةً..
قد تصعب العبارات أحيانًا في تفسير الوفاء، وإن تفنن في تعريفه الكتاب والأدباء، إلا أن أوضح صورة وأزهى معانيه هي تلك الأفعال المخلصة التي تصدر من الأوفياء، وكل موقف يختلف في تفسيره عن غيره، وما تضربه مملكتنا الحبيبة من صور الوفاء المتتالية والمتواصلة مع شعبها ومع الشعوب الأخرى لهو أجلى صورة تتجاوز العبارات والكلمات في تعريف الوفاء.
ليس إجلاء العالقين في السودان الشقيق هي المبادرة الأولى من مملكتنا الحبيبة، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من المواقف التي تعبر عن عمق الارتباط الفطري بالوفاء، كيف لا وقد اختار الله هذه البلاد لتكون قبلة للعالم كله، فهي المباركة وهي الطيبة، وفيها الحرمان، وفيها نزل القرآن وحيًا على رجل اختاره الله ليكون مخلوقًا في هذه الأرض صلى الله عليه وآله وسلـم، فكل هذه المعاني ولا شك ستؤثر في طبيعة أهل هذه الأرض، وهذا ما يظهر ويبرز في مواقف المملكة في الأزمات وفي غير الأزمات التي تحصل هناك أو هناك، فتجد خيرات الله من هذه البلد تتدفق على الأفراد والمجتمعات؛ إنسانيةً ووفاءً للروابط الأخوية والإنسانية بالشعوب الأخرى.
وهذا موضع قد تسابق لمدحه قديمًا وحديثًا الأدب والشعر والتاريخ، وقبل ذلك مدح الله لأهل الشهامة والوفاء والإيثار لأبناء المهاجرين والأنصار فقال: «وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» فتوارثت مملكتنا ممثلة بقياداتها هذا الكرم والوفاء والإيثار في المبادرات لتقديم العون والمساعدات والنجدات دون النظر إلى مكاسب وحسابات أخرى، قد يتخلى بسببها الكثير من الناس عن إنسانيته في المواقف، وقد قال الله عن الأبرار حين أحسنوا: «إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا».
وليس هذا المقال هو مقام للمدح البحت، وإن كنا لا نوفي مملكتنا حقها في الثناء، وإنما جزاؤها عند الله، ولكن هذه المواقف وغيرها من مواضع الشهامة والوفاء ترشدنا إلى واجبات تتعلق بذممنا؛ أفرادًا وشعبًا، ومنها الدعاء لهذه البلد وأهلها كما هي سنة أبينا إبراهيم عليـه السلام، «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» وبالأخص الدعاء لقياداتنا الوفية كما هي عادة السلف من الأئمة والعلماء في الدعوات لأولياء أمورهم، هذا شيء من الواجب الديني في رقابنا، ومن الواجب الوطني هو أن تكون تلك المواقف حوافز خير لكل سعودي لخدمة وطنه، والاتصاف بالسجايا المنيفة والأخلاق الرفيعة وإيثاره خدمة غيره ولو كان ذلك الإيثار على حساب نفسه. وفي نشر محاسن الأخلاق والتأسي بأهل الوفاء من قيادتنا المباركة في مواقفهم نشر للإسلام وإظهار محاسنه، وفيه إبراز ما يتميز به هذا البلد وقيادته وشعبه من الإنسانية والرحمة والإيثار والكرم حتى يستديم ذكر هذا البلد بالخير والعطاء والكرم والمواقف أرضًا وشعبًا وقيادةً. وقلت قديماً وما زلت أقول: إن هذه المملكة المباركة تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق. فوالله لن يخزيها الله أبداً. هذا، والله من وراء القصد.
http://www.alriyadh.com/2009876]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]