حبس العالم أنفاسه الأسبوع الماضي في انتظار مستجدات غواصة "تيتان" الاستكشافية المفقودة، إذ ليس من المعتاد أن نسمع عن رحلة سياحية لأعماق البحر، ناهيك أن تكون مقابل 250 ألف دولار ولا تتمتع بوسائل السلامة المنطقية.
إلا أن النتيجة الصادمة لمصير تلك الغواصة ونوعية السياح الذين كانوا على متنها هي ما أثار الكثير من الجدل حول القصة.
السيناريو الأكثر تداولاً وردة الفعل الأولى لمن سمعوا قصة الغواصة هو التشكيك في أن يكون الحادث بسبب خلل في الاتصال أو في وسائل السلامة، وأن وجود هؤلاء المليارديرات على متنها ووفاتهم جميعاً لم يكن مصادفة بل هو حادث مدبر لأسباب نجهلها، ولم يشفع وجود الرئيس التنفيذي والمؤسس للشركة التي تملك الغواصة ضمن الضحايا، في إبطال احتمالية المؤامرة.
نظرية المؤامرة ليست جديدة، وفي السابق كانت محدودة الانتشار بين شريحة بسيطة من البسطاء وبعض المصابين بجنون الارتياب، ولا أزال أتذكر قصص المبتعثين العرب في الثمانينات الذين بحسب نظرية المؤامرة يتعرضون لغسيل دماغ إذا كانوا أذكياء ونوابغ، ويعودون إلى دولهم وقد فقدوا عقولهم لأن الغرب لا يريد للدول العربية أن تتطور.
إلا أن نظرية المؤامرة أصبحت الآن تجد رواجاً هائلاً بفضل قوة تأثير وسائل التواصل الاجتماعي والقدرة التحشيد والتلاعب بعقول الجماهير.
والأمر لا يقف عند سهولة بث الأفكار في تلك المنصات بل أصبح الجميع قادراً على فبركة الصور والفيديوهات بالإضافة إلى القدرات التكنولوجية الهائلة لما يسمى بـ"التزييف العميق".
كل هذا وأكثر أدى إلى رواج نظرية المؤامرة والتشكيك في كل شيء تقريباً، فوباء كورونا مثلاً تحول لدى غالبية الجماهير من جائحة تسببت فيها خفافيش مصابة إلى مؤامرة عالمية افتعلتها الحكومات لتقليص أعداد البشر أو حصد الأموال عبر اللقاحات، بل يشكك الكثيرون في أن الوباء هو مجرد قصة ملفقة ولم يحدث أبداً.
وإذا كان من الحماقة المبالغة في رمي كل مصائب الدنيا على نظرية المؤامرة، فإنه أيضاً من السذاجة إنكارها تماماً، لكن في هذا العصر يسيطر فيه "اللايقين" على كل شيء، أصبح من الصعب جداً رؤية الخيط الرفيع الذي يفصل بين الحقيقة والخيال، وبين الواقع والتزييف.
http://www.alriyadh.com/2019749]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]