في المواسم والأعياد يتكرر الحديث عن مشكلتي النفايات والهدر الغذائي، أما عن النفايات، فيتركز الحديث عما يتخلف بعد موسم الحج، والمعاناة التي تتكبدها الأجهزة المعنية، رغم استحداث برامج عصرية ومبادرات من المركز الوطني لإدارة النفايات "موان" في أعماله خلال موسم الحج لهذا العام 1444هـ، الذي يعمل كمنظم لأنشطة إدارة النفايات، وتطوير القطاع نحو تحقيق الاستدامة البيئية والمالية، وتقديم صورة مشرفة تعكس تطور منظومة إدارة النفايات بالمملكة، من خلال تفعيل عدّة مبادرات تسعى إلى تنظيم القطاع في موسم الحج، وتمكين المبادرات والممارسات الإيجابية المرتبطة بالمنظومة بالتعاون مع الجهات المختلفة، وتعتمد مبادراته على الاستفادة من الإحرامات وخفض معدل النفايات المتولدة خلال موسم الحج، وتعزيز السلوك الواعي بإنتاج النفايات والإسهام في إعادة التدوير، وتمكين التخلص الآمن من نفايات المسالخ والمجازر.
وكانت أمانة العاصمة المقدسة اتخذت خلال موسم حج هذا العام، آليات حديثة ومطورة في مجال النظافة والتخزين وطرق التخلص من أطنان النفايات التي يخلفها الحجاج، والاستعانة بأمانات مناطق ومدن ومحافظات السعودية: الرياض، والمنطقة الشرقية، والمدينة المنورة، والقصيم، ومحافظة جدة، لتقديم خدمات النظافة في بعض مناطق الخدمات بمشعر منى، وأظهر التعاون جهوداً مضنية في التخلص الآمن من النفايات، ولكن مازالت المنظومة تحتاج إلى تفعيل أكثر حتى تكون النتائج مرضية بشكل جيد، خاصة مع الإجراءات الحديثة التي اتخذتها أمانة العاصمة المقدسة، من خلال إنشاء عدد 8 مخازن أرضية، ونقل عدد 6 مخازن أرضية، وضبط جودة أداء المخازن والصناديق الضاغطة، وتأمين عدد 150 صندوقاً ضاغطاً.
هذا على مستوى المدينتين المقدستين مكة والمدينة خلال موسم الحج، أما الحال في بقية مدن المملكة خلال الموسم نفسه ومخلفات ذبح الأضاحي، فالواقع يظل مؤلماً، ولم تستطع حاويات النفايات في الشوارع استيعاب المخلفات، وكذلك مساحات الأرض الفضاء من عظام وأحشاء وجلود، وهذا الحديث مكرر ومُعاد كل عام، ولم نرَ حلاً جذرياً لتلك المشكلة.
أما مشكلة كل العصور الهدر الغذائي، والتي فشلت معها كل برامج التوعية المحدودة غير المبتكرة، فظلت جاثمة على صدر المدن السعودية، رغم ما نادت به وزارة البيئة والمياه والزراعة بضرورة أهمية التزام حُجاج بيت الله الحرام بترشيد استهلاك الغذاء والماء خلال أداء مناسك الحج، من خلال اتباع سلوكيات بيئية بسيطة؛ تُمكّنهم من تناول الأطعمة والمشروبات بقدر الحاجة، حتى لا يكون هناك فائض يتم هدره، ويتسبب في زيادة النفايات، والتأثير على صحة البيئة.
وحسب الأرقام الرسمية التي كشفتها الوزارة فإن حجم الهدر الغذائي في المملكة يزيد على أربعة ملايين طن من الطعام سنويًا، فيما يبلغ مقدار ما ينتجه الفرد من النفايات يوميًا (1,6) كيلوغرام، نتيجة للسلوكيات والممارسات السيئة، وغياب الوعي البيئي لدى الكثيرين على اختلاف ثقافاتهم وانتماءاتهم.
تظل مشكلة الهدر الغذائي -خاصة في المناسبات الاجتماعية والأعياد- صداعاً يزعج مدن ومحافظات المملكة ومناطقها القريبة والنائية، مما يستدعي تحركاً بيئياً اجتماعياً توعوياً عصرياً يتناسب مع حجم الهدر، وثقافات كل منطقة، مع المتابعة الدقيقة، حتى تتحقق النتائج المرجوة، لأن مشكلة الهدر الغذائي تعد العنصر الفاعل في زيادة النفايات بشكل مبالغ فيه.
http://www.alriyadh.com/2020642]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]