ما معنى التحضر؟ وماذا يعني وصف دولة بأنها متحضرة؟
هل التطور العلمي، أو تطور البنى التحتية، أو احترام نظام الطابور هي التحضر؟ هل التحضر مادي أم فكري؟
هل من حقوق الإنسان أن يمارس حرية التعبير كي يسيء لإنسان آخر؟ هل حرية التعبير وسيلة لنشر العداء بين الشعوب وإثارة الفتن؟
تلك أسئلة ترد إلى الذهن عندما تستخدم بعض الدول حرية التعبير حجة بالسماح لتصرفات حمقاء غبية مسيئة للأديان.
هذه التصرفات التي تجيزها بعض الدول مناقضة للقيم التي يتحدثون عنها ليل نهار ويفتخرون بها، مثل: قيم التسامح والتعايش، ويشمل ذلك حرية التعبير التي يمارسونها بازدواجية مكشوفة تجيز الإساءة للأديان والكتب المقدسة وتجرم انتقاد ممارسات بشرية أو اتجاهات سياسية.
يحدث ذلك في دول توصف بأنها متحضرة! هنا يتكرر السؤال، ما مفهوم التحضر؟ حين يقدم إنسان على حرق القرآن الكريم فهو يعلن للملأ أنه إنسان جاهل ومتطرف وليس له علاقة بالثقافة، ولكن حين تجيز له الدولة التي يعيش فيها (المتحضرة) أن يفعل ذلك فإن التحضر يصبح محل تساؤل.
إن قيام فرد بحرق القرآن الكريم سلوك مشين، لكن السؤال الذي يتكرر هو: لماذا يكون هذا الفعل المشين تصرفاً قانونياً مرخصاً؟! لماذا يرى المسؤول أن الفعل المشين قانوني، ورد الفعل المتوقع غير مقبول؟ كيف يفترض أن يتم التعامل مع هذا السلوك؟ هل التجاهل هو الحل؟
أعتقد أن التجاهل تجاه هذا السلوك هو بمثابة التساهل لأمر لا يصح التساهل فيه. الحل هو موقف دولي صارم ملزم يجرم هذا السلوك ويصنفه في خانة التطرف والعنصرية والكراهية والفكر الذي يقود إلى الفتنة والصراعات والتباعد الإنساني. الحل ليس في ردود الفعل العنيفة التي ربما يستهدفها المتطرفون، الحل ليس في الاستجابة للاستفزاز، الحل يكمن في القانون. قانون دولي تتفق عليه كافة الدول يجرم الإساءة للأديان والكتب المقدسة، قانون يجعل احترام الأديان وتعزيز قيم الأمن والسلام والتعايش أهم من تعزيز حرية تعبير فوضوية مطاطة يتناقض أبطالها حسب التيارات السياسية المتغيرة. إن التحضر قبل أن يكون اقتصاداً أو صناعة أو مدناً حديثة هو الإنسان بفكره وقيمه وأخلاقه، الإنسان الذي يملك القدرة على احترام الإنسان الآخر، هو الإنسان الذي يترجم أخلاقه الإنسانية إلى سلوك.




http://www.alriyadh.com/2020933]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]