كيف يؤثر فصل الصيف في الاقتصاد؟، وهل يوجد رابط بين شدة الحرارة ونتائج الأنشطة الاقتصادية؟، وإلى أين يتجه إنفاق المستهلكين في أشهر الصيف؟، وما الفرص الموسمية المتاحة للاستفادة من اقتصاد الصيف؟.. بطبيعة الحال، هناك رابحون وهناك خاسرون، أو أسواق تضحك وأسواق تبكي، ففي هذه الأشهر شديدة الحرارة تنتعش مبيعات المراوح والمكيفات، وتتنامى أرباح شركات المياه والمرطبات والعصائر والمشروبات الغازية، وينتشر باعة الآيس كريم في الحدائق والمتنزهات العامة، وتزدهر مبيعات مستلزمات الشواطئ، والألعاب المائية، والمبردات خارج المنزل، وأجهزة إطفاء الحرائق، والبعض ينجح بالفعل من الاستفادة من هذا الاقتصاد الموسمي، بالإضافة إلى المهرجانات الترفيهية التي تجذب العائلات وتدعم السياحة الداخلية.
والواقع، أن الطقس الحار يعرقل إنجاز بعض مشاريع البنية التحتية والعقارات، لأن تشغيل العمال تحت درجة حرارة مرتفعة جداً ممنوع محلياً ودولياً، مما يهدد النمو ككل، ويهوي بأرباح قطاعات مهمة مثل البناء والتشييد، والتجزئة والخدمات، حيث تقل إنتاجية العمال بفعل الطقس السيئ الذي يؤثر على حالتهم المزاجية والعصبية في الصميم، فيما يعد قطاع المواد الغذائية أبرز المتضررين جراء التقلبات المناخية، إذ تنمو المحاصيل الزراعية عادة في الهواء الطلق عند درجة حرارة أقصاها 32 مئوية، وهناك بعض المحاصيل التي تتضرر بشدة جراء ارتفاع الحرارة مثل الذرة وفول الصويا والقطن والشاي، وبالتالي، تنخفض الإنتاجية والجودة، وقد يقود الأمر إلى عملية تسعير مرهقة، وعلى سبيل المثال، عندما دمرت موجة الجفاف الشديدة والحرائق محصول القمح الروسي عام 2010، وأتلفت 20 % من المحصول زادت الأسعار بشكل كبير على المستوردين.
أما عن الاستهلاك المفرط للطاقة في فصل الصيف، فحدث ولا حرج، إذ تقفز معدلات استخدام المكيفات ووسائل التبريد إلى مستوى قياسي، وبعضها يتعطل من كثرة التشغيل فينشط عمال الصيانة، والأمر برمته، يشكل عبئاً كبيراً على شبكات الكهرباء التي قد تخرج أحياناً من الخدمة نتيجة زيادة الأحمال، ولا شك أن ارتفاع استهلاك الطاقة في الأيام الحارة يشكل ضغطاً هائلاً على الشبكة الكهربائية، هذا بالإضافة إلى صعوبة سداد فواتير الكهرباء التي يعجز بعض المستهلكين عنها، حتى أنهم يطلبون المساعدة، عبر تويتر، في دفع هذه الفواتير المرهقة، وإذا كانت زيادة الأحمال تؤدي أحياناً لانقطاع التيار الكهربائي، فإن هذا الأمر يكبد خسائر فادحة ويحرم الآلاف من الكهرباء، وهذا يعني ضمناً فوات تحصيل الفواتير، وفساد المخزونات الغذائية.
في المجمل، يمثل الطقس السيئ صيحة تحذير للعالم، حتى يزيد من وتيرة التنسيق بشأن مكافحة الاحتباس الحراري، لأن التهاب الجو يطال حتى من قدرة الطلاب على التعلم والفهم، ما يؤثر على عائداتهم المالية في المستقبل، لأن فقدان القدرة على التعلم يؤدي إلى تدني الدخل، كما يضر بميزانيات الدول المعتمدة بشكل أساسي على إيرادات القطاع الزراعي، وستضيف التكلفة السنوية لموجات الحر 360 مليار دولار على ميزانيات الدول بحلول عام 2028، وجزء أساسي من هذه التكلفة متعلق بالفواتير الصحية الناتجة عن ارتفاع حرارة الجسم وجفاف الجسد، ومن المتوقع أن تؤدي موجات الحر الشديدة إلى خسارة تريليوني دولار من إنتاجية العمل بنهاية العقد الحالي، وهذا الأمر سيعجل، دون شك، بتحول المستهلكين إلى منتجات أكثر استدامة.
http://www.alriyadh.com/2022359]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]