الحراك الثقافي الدؤوب والمستمر الذي تعيشه المملكة يعطي دلالة واضحة ومؤشراً جليّاً على أن بلادنا ماضية في تجدّدها واستثمارها الواعي لمقدراتها، وأنها ماضية في انطلاقتها الوثّابة في نشر وبثّ إشعاعها المعرفي والحضاري، متّخذة من إنسان هذه الأرض مُنطلقاً ومُرتكزاً لمشروعاتها، ومترجمة لرؤاها المستقبلية، في ممازجة رائعة بين ثقافتها الأصيلة المتجذّرة في التاريخ، وبين متطلّبات واستحقاقات المرحلة التي نعيشها حاضراً، بما تشكّله من تحديات في عالم آخذ في التمدّد والتعولُم ما يستدعي معه تعزيز الهوية الوطنية والاحتفاء بتاريخنا وتراثنا وموروثنا الثّر الخصب والغني.
وقد نجحت وزارة الثقافة منذ تأسيسها وعمرها الزمني القصير، في أن تكسر الصورة النمطية السائدة عن الثقافة، ونقول بثقة إنها أسّست لمفهوم جديد للثقافة يتجاوز كل الأفكار التقليدية السابقة التي لم تكن ترى في الثقافة إلا مجالاً محدوداً يرتبط حصراً بالأدب والكتب والكتابة، بينما هي في حقيقتها طيف واسع من المجالات الإبداعية المتنوعة التي كرّستها الوزارة خلال السنوات الماضية عبر مبادرات ومشروعات، وإنشاء هيئات عديدة، والعمل على بناء منظومة إدارية شاملة لمجمل القطاع الثقافي السعودي، يتحقق من خلالها مفهوما الاستدامة والفعالية، عبر إقرار القوانين، ووضع الأنظمة التشغيلية، وتهيئة المواقع، وتأسيس البنية التحتية المتكاملة لبيئة ثقافية ينشط فيها المبدعون السعوديون بمختلف مساراتهم الإبداعية، واستطاعت صهر الجهود الثقافية في سياق وطني واحد يخدم الثقافة السعودية والمثقف السعودي بشكل مستدام ومتنامٍ.
اليوم يبتهج مثقفو بلادنا ومبدعوها بخبر إنشاء قناة سعودية ثقافية تحتفي بالثقافة السعودية عبر برامج متنوعة على مدار الساعة، وذلك لترسيخ مكانة المملكة بصفتها مركز الثقل الثقافي إقليمياً، وتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 في جوانبها الثقافية. وهي خطوة وطنية وحضارية مهمة توّجها توقيع اتفاقية بين سمو وزير الثقافة مع رئيس مجلس إدارة مجموعة MBC، لتدشين وتشغيل قناة تلفزيونية ثقافية تستهدف النخب المثقفة والجمهور العام بأسلوب عصري وحيوي، من حيث المضمون والمحتوى والرسائل الثقافية التي ستعكس نظرة المتلقي السعودي وفخره بعراقة تراثه وتاريخه الحضاري والثقافي، وترسخ من وجود المحتوى السعودي في منظومة الإبداع العالمية.
وقد عبّر وزير الثقافة عن توجهها فاعتبرها «منصة لثقافتنا وتراثنا وأدبنا، تعرض فنوناً بصرية، وفنون الطهي، والأزياء، وأفلاماً، وكتباً، ومسرحاً، وفنوناً أدائية، وموسيقى، وعمارة وتصميماً».
والمبهج بأنها -كما تم الإعلان عنه- ستحتفي بثراء الثقافة السعودية من خلال نظرة فريدة على الفنون والآداب والتراث والشعر والمسرح والسينما والتصميم والأزياء وفنون الطهي، بأساليب تتقن المزج بين التطورات التكنولوجية المتسارعة وتعكس الاحتياجات دائمة التغيّر للجمهور المحلي والعالمي، وستعمل على تشجيع الكفاءات السعودية وتحويل المبدعين إلى أصول الثقافية، وستتولى التغطية الموسعة لكافة الأحداث الثقافية، إضافة إلى العديد من الأدوار التي ستلعبها القناة من إنتاج أفلامٍ وثائقية تسرد سيَراً ومذكرات لشخصيات سعودية بارزة، وشراء حقوق المسرحيات والاحتفالات العالمية، وبناء مكتبةٍ أرشيفيةٍ ضخمة للأعمال الثقافية السعودية والحوارات النادرة مع الشخصيات الوطنية والثقافية وغيرها.
وتبقى الآمال والطموحات كبيرة بنجاح القناة الجديدة في تحقيق مسعاها من مواكبة ما تعيشه المملكة من نهضةٍ ثقافية كبيرة في ظل رؤية السعودية 2030، وإشباع شغف وتطلعات الجيل الحالي وكذا الجيل الصاعد المتعطش -كما أُريد لها- وهو مسايرة التطورات المتسارعة التي ارتبط فيها المحتوى بالتكنولوجيا، ورغبته الشغوفة باستعراض مزايا بلاده أمام العالم.




http://www.alriyadh.com/2028981]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]