يسأل كثير من المحللين عن جدوى تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي نستخدمها اليوم، فقد رافقت المنجزات الأخيرة ضجة كبيرة حول مستقبلها، حتى قورن التحول التاريخي الذي نقبل عليه بلحظة دخولنا العصر النووي، تطبيقات الذكاء الاصطناعي واسعة، وقد امتلأت التوقعات لمستقبل التقنية بشيء من الخيال العلمي مصحوباً بأمثلة معززة لما يمكن أن يكون خيالاً يتحقق أسرع مما نتوقع.
في منتدى الذكاء الاصطناعي الذي عقد مؤخراً في العاصمة الأميركية واشنطن بدعوة من البيت الأبيض، اجتمع رؤساء الشركات الكبرى لمدة ثلاث ساعات مع عدد من الخبراء القانونيين لمناقشة تقنين الذكاء الاصطناعي، بحضور رئيس شركة غوغل ومايكروسوفت وفيسبوك إضافة إلى بيل غيتس وآلون ماسك وغيرهم، كان المنتدى حدثاً نادراً يجمع هذا العدد من القياديين التقنيين في مكان واحد، الضجة التي أحدثت مؤخراً حول تطورات الذكاء الاصطناعي دفعت بالسياسيين إلى سرعة التحرك لوضع إطار قانوني لتقنية مستمرة في النشوء رغم كل ما أنجزته حتى الآن.
لا شك أن إنجازات الذكاء الاصطناعي التطبيقية موجودة في أكثر من مجال، بعضها بعيد عن الأنظار، لكن ما حققه الذكاء الاصطناعي التوليدي في تطبيقات المحادثة جذب الاهتمام الذي نراه اليوم. عادة ما يؤجل الحديث عن التشريعات حتى تستقر التقنيات الناشئة؛ لما للتشريعات من أثر سلبي على الابتكار، لكن ما يجري من حديث اليوم يدعو إلى القناعة أن المستقبل الذي كنا نتكلم عنه في سنوات ماضية أصبح واقعاً.
إذا ما نظرنا إلى الذكاء التوليدي اليوم، فنحن أمام قدرات كبيرة لا يعرف أحد كيف يستخدمها كما يجب، التطبيقات التي أثارت الضجة صممت كما لو كانت تحديثاً لمحركات البحث، ولعل ذلك ما جعلها مقبولة وساعد في رواجها، إذا أخذنا نموذج البحث، سنجد تطبيقات المحادثة أكثر نضجاً من حيث التصميم والمحتوى لتلبية متطلبات المستخدمين، إذا نظرنا قليلاً إلى استخدامات أخرى مثل البرمجة، سنجد المجال أوسع لإيجاد عائد أكبر إذا طورت من حيث الاستخدام والمحتوى.
من المتوقع بنهاية السنة أن يصدر الكونغرس الأميركي قانوناً يلزم صانعي التقنية بعدد من الإجراءات التي تضمن سلامة التطبيقات وأمنها، منها ما يتطلب تراخيص من مطوري التقنية أو مستخدميها، ومنها ما يفرض معايير فنية. التحدي الذي يواجه المشرعين في هذا المجال ليس جديداً، فما زالت الفجوة المعرفية عصية على التقليص، فقد دعا المشرعون من قادة التقنية في الاجتماع إلى المساعدة في التصدي للتحدي المعرفي. إذا كان نقص المعرفة عائقاً لسن التشريعات، فهل تساعد المعرفة شبه الكاملة في صياغتها أم التخلي عنها؟ هل الحاجة إلى التشريعات نتيجة لمعرفة منقوصة يدفع بها الخوف من المجهول؟ لا شك أن الذكاء الاصطناعي بحاجة لوقت أطول ليصل إلى ما يعد به، إنما يبقى أن نعرف ما للتشريعات من أثر في الحد من أفق ابتكاره الواسع.
http://www.alriyadh.com/2033041]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]