ما المـانع من إيقاف الحجز المالي عن المدين لمدة يتم تحديدها بالاتفاق، وبما يمكنه من القيــــام بأمر واحد، وهو الحصول على قرض أو تمويل بنكي، لسداد الدين ورفع التنفيذ؟ وبالأخص مع وجود 432 طلب تنفيذ يومياً، ضد متعثري السداد، وبإجمالي 88 ألفاً في الأشهر السبعة الأولى من 2023
في 14 سبتمبر الجاري أو قبل ثلاثة أيام، بدأ تطبيق إيقاف الخدمات الجديد، وهو خاص بنظام التنفيذ القضائي، والتعديلات تمثل نقلة تطويرية مهمة جداً، وتعود بالمنفعة على المنظومة القضائية والعدلية والحقوقية، وعلى ممارساتها في المملكة، وتحتوي على تفصيل واضح وصريح، يفرق بين القرارين القضائي والإداري، ومن أبرز الإضافات، اللجنة الإشرافية الموحدة التي تضم في منصة واحدة ممثلين لثلاث عشـــرة وزارة، وتهتم باستقبال الطلبــــات وتقييمها، ومن صلاحيــاتها إعطاء مهلة قبل تنفيذ الإيقاف، ووقف القرار أو إلغاؤه خلال 24 ساعة، ولا يفترض بحسب التحديثات الحرمان من خدمات الصحة والتعليم والعمل أو الخدمات الحكومية، أو مصادرة وسيلة النقل الخاصة وبيت الشخص، أو كل الأمور التي ليس لها طبيعة مالية، ولا يجوز أن يكون الإيقاف متعدياً لأصول المدين ومن يعملون تحت كفالته، وفي السابق كان تابعو المنفذ ضده، لا يستطيعون حتى إثبات واقعة ولادة أو تجديد إقامة أو الخروج في نزهة بحرية، لأن منصة إبحار التابعة لحرس الحدود، لا تأذن لمن منع من السفر، ومعها عدم استخدام الإيقاف كوسيــلة للتبليغ بالحضور للجهات الحكـــــومية، وإلغاء عقوبة السجــن القديمة إلا في أحوال معينـــة، ولا تشمل الأحوال شرط المليون ريال (ما يعادل 267 ألف دولار)، أو أن يكون سن المنفذ ضده 60 عاماً فأعلى لإعفائه من السجن.
بالإضافة إلى أن إيقاف الخدمات لن يكــون إلا بسند نظامي، ومن خلال المنصة الجديدة، مع ملاحظة أن اختصاص اللجنـــة الإشرافية محصــور في إيقاف الخدمات والحجز على الأمـــوال، وفي المنـع من السفر، والأخير إجراء روتيني، يعمل به في أوروبا وأميركا، إذا كان الشخص طرفاً في قضية تنظرها المحاكم، أما وقف التعامل المالي، فإنه من مسؤوليات محاكم التنفيذ، واستناداً لضوابط محددة، وبالتأكيد الإيقاف يشل قدرة المدين على الحركة المالية والخدماتية، وهو بمثابة السجن في زنزانة إلكترونية.
بخلاف أن نظام التنفيذ الصادر مؤخراً، يرتب مسألة الاقتطاع في الرواتب والأجور، وبنسبة لا تتجاوز 50 % في النفقة، و33 % في بقية الديون، ويرفع المنع من السفر في الحقوق المالية بعــــد ثلاثة أعوام، أو إذا كانت الأوضاع الصحية للمنفذ ضده تستوجب علاجه خارج المملكة، لأن أمواله في الأساس مجمدة ومحبوسة، ولا يستطيع التصرف إلا فيما تسمح به محكمة التنفيذ.
نظام التنفيذ السعودي يعتبر متفرداً في أسلوب عمله، وطريقته تتناسب مع طبيعة الناس في المجتمع المحلي، ولعله موجود على المستوى الدولي، ولكن بشكل مختلف نسبياً، فالبلدان التي تمتنع عن سداد ديونها أو لا تسددها في أوقاتها، في الوقت الحالي، يرفض النظام المصرفي العالمي بالكامل، أشخاصاً ومؤسسات، إقراض قطاعها العام والخاص، أو توفير الائتمان الذي تحتاجه لتمويل وارداتها، ولهذا فإنها تلجأ إلى صندوق النقد الدولي، وإذا أعلنت الدولة إفلاسها، تقوم البنوك والمصارف العالمية بالاستحواذ على الأصول التي تمتلكها، وفي هذا راحة لمجتمع المديونين في المملكة، لأن معاناتهم مشتركة مع المجتمع الدولي في الشرق والغرب، بفعل الأزمة الأوكرانية، ومعدلات التضخم العالية، وارتفاع أسعار الفائدة، فديون حكومات العالم في 2022، تجاوزت 97 تريليون دولار، أو ما يزيد على 94 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي، بحسب صندوق النقد الدولي، وديون الشركات والأشخاص والعوائل الصغيرة ارتفعت إلى 220 تريليون دولار، أو ما يعادل 250 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وتعتبر أميركا الدولة الأعلى ديناً في العالم بحوالي 31 تريليون و800 مليار، بينما الدولة العربية الأكثر مديونية، لا تتجاوز ديونها أربعمائة وعشرة مليارات دولار.
وزارة العدل تفكر في إسناد الأمور الإجرائية في قضايا التنفيـــذ، إلى القطاع الخاص، أو إلى مركز موحد يدار بمعرفة شركة قانونية، ربما على طريقة الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) وبدون جلسة محكمــــة، وتحديداً في تنفيذ المادتين 34 و46 خارج دائرة العقـود الموحدة، وبما يحفظ وقت قاضي التنفيذ، ويمكنه من التفرغ للفصل في المنازعات التنفيذية، وإجراء من هذا النوع سيجعل البيانات الكاملة للخصوم متوفرة لطرف ثالث، ما يمثل انتهاكاً لخصوصية الأشخاص، رغم جدوى الفكرة.
ما دامت الوزارة منفتحة ومتفهمة إلى هذه الدرجة، فما المـانع من إيقاف الحجز المالي عن المدين لمدة يتم تحديدها بالاتفاق، وبما يمكنه من القيــــام بأمر واحد، وهو الحصول على قرض أو تمويل بنكي، لسداد الدين ورفع التنفيذ؟ وبالأخص مع وجود 432 طلب تنفيذ يومياً، ضد متعثري السداد، وبإجمالي 88 ألفاً في الأشهر السبعة الأولى من 2023، وفق الإحصاءات الرسمية، والأنسب عدم إعطاء الآلة حرية القرار في استكمال التنفيذ، دون التحقــــــق فعلياً من صحة الطلبات، والسمــاح بالتدخل البشري كـ (حارس بوابة)، فقـــــد ثبت بالدليل في حــــــالة موثقة ومعروفة، أن رجــــل أعمال سعودي منـع من السفر لعامين، وعطلت بعض أعماله، نتيجة لمستنـــــد مزور، اعتمـده نظام التنفيـــذ الإلكتـروني.
http://www.alriyadh.com/2033038]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]