"الزمن يتغير، والإصلاحات تأتي، وهذا ما حدث في المملكة العربية السعودية"، هكذا قال سمو سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- في مقابلته التاريخية مع قناة فوكس نيوز التي اختار لأن تكون من "سندالة" جزيرة اليخوت الفاخرة وابنة نيوم الحالمة. وقد تداول المهتمون والمحبون والكارهون أيضا العديد من النقاط المهمة وكُتب الكثير حولها؛ ولعل ما استوقفني هما محوران مهمان أجد أن إعادة توثيقهما وتحليلهما أمر مهم للمجتمع المحلي وصناع القرار؛ ألا وهما: محور الأمن ومحور العدالة. فإن شفافية سمو سيدي -حفظه الله- في التعاطي مع هذين الملفين وشجاعته في وضع النقاط على الحروف لكل من يهمه الأمر أمر لا يتكرر في تاريخ تصاريح المسؤولين التي تغلف عادة بالكثير من الرسميات والمجاملات، سموه ببساطة يشبه عصرنا ويلهم الجيل بأن يكونوا أنفسهم وواثقين ولا شيء سوى ذلك.
أمنيا فإن حديث سموه عكس الكثير من الطمأنينة عالميا ومحليا حيث قال: "إذا رأى العالم 100 ألف قتيل، فهذا يعني أنك في حرب مع بقية العالم"، ويقول سموه أيضا: "إذا حصلوا عليه، يجب أن نحصل عليه لأسباب أمنية ومن أجل توازن القوى في الشرق الأوسط، ولكننا لا نريد أن نرى ذلك"، جاء هذا في رده حول احتمالية امتلاك المملكة أو حصولها على سلاح نووي، في طي هذا أكد بالفعل وزير الطاقة سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز أن المملكة تعتزم بناء أول محطة للطاقة النووية للإسهام في التنمية الوطنية بها، خلال كلمته في اجتماع الدورة السابعة والستين للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية في العاصمة النمساوية فيينا، إن "المملكة تؤكد دعمها في تعزيز التعاون الدولي لتسخير الطاقة الذرية". أود القول هنا أن هذه التصريحات تعكس بوضوح توجهات المجتمع السعودي الذي يختار السلام دائما والمنطق الإنساني القويم لمملكتنا.
محليا ذكر سموه أن هناك سعيا بالفعل إلى إصلاح النظام الأمني وحدد: "يمكننا أن نرى أنه خلال السنوات الخمس الماضية لم يحدث أي شيء من هذا القبيل" ولعل الجميع يلاحظ النشاط الملموس والمعاش والمضاعف للأجهزة الأمنية سواء في مكافحة الإرهاب والتطرف من جهة أو مكافحة الفساد والمخدرات من جهة. بل يمكننا القول اليوم "الأمن صناعة سعودية" لأن التلاحم الأمني والتناغم في حفظ الأرواح ويقظة وتطور ألا ينعكس في حياتنا اليومية فقط، بل يمتد للعالم ليلهم المنطقة المليئة بالاضطرابات ويمد يد العون والدعم ولعل آخر صور هذه الإنسانية هو خبر توقيع اتفاقية المملكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» بهدف ضمان رعاية الأطفال حول العالم. ففي موازين القوى العالمية المملكة ليست مجرد دولة مانحة مال، بل صانعة قيم وحضارة وإنسانية مستدامة.
أما في محور العدالة فقد قال سموه: "هل لدينا قوانين سيئة؟ نعم، هل نسعى لتغييرها؟ نعم"، وفي رد سموه عن محاولة تغيير القانون، بشكل عام، لتجعل الأحكام أكثر واقعية، قال: "أكثر واقعية بالنسبة لنا في السعودية، وليس بالنسبة لمن هم في الخارج فقط، نؤمن اليوم أن القوانين بعيدة تماماً عما نحتاج إليه ويناسبنا كسعوديين، فنحن لسنا فخورين بكل قوانينا في المملكة"، تطرق سموه بشكل مفصل عن الحالة العدلية بما فيها رده عن القوانين المتعلقة بالنشر والتعبير وعدم رضاه حيث نص حديث سموه: "من المؤسف أن هذا صحيح، هو شيء لا يعجبني. في المملكة نبذل قصارى جهدنا لتغييره، وقمنا بالفعل بسن عدد من القوانين وغيّرنا عشرات القوانين في المملكة"..
ولعل هذه الالتقاطات جزء بسيط من عبارات مليئة بالمعلومات والإجابات المشبعة والتي تخلق مستوى متقدما من الفهم لما نحن عليه وما سنكون. ولعل هذه الخاتمة تحفز كل مسؤول وكل فرد مهما كانت مكانته أو مهمته أو اهتمامه لأن يجتهد أكثر فلا مكان للفارغين والمنعزلين عن المشهد إما من باب السخط أو من باب الكسل ولا مكان أيضا للبطيئين والمتباطئين، بل لنحاول جميعنا "تسريع الوتيرة، كل يوم". دمتم بوطن يعتز بكم..




http://www.alriyadh.com/2035117]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]