من صفات الأدب العظيمة أنه يهذب المشاعر ويعلمنا قيم الحب والعدل والجمال، هناك أعمال كثيرة عظيمة عن الحروب، عن الوجع الإنساني والرعب اليومي الذي يواجهه من تعرضوا للحرب. لكن يبدو أن ذلك لم يؤثر كثيرا على الإنسان بعد، مازالت المطامع البشرية تطغى على إنسانية الإنسان، مازالت القوة هي المسيطرة وهي الحقيقة ربما الوحيدة في الوجود.
كنت في السابق حين أحلم بعالم خال من الحروب، يضحك من سذاجتي العقلانيون ويردون على خيالاتي الغبية بأن العالم لابد له من الحرب، وأن الناس لا يعيشون بدون حروب، هذه طبيعتهم التي لن تتغير حتى يفنى البشر.
ولأنني لا أريد أن أغير طبيعة كتابتي في هذه الزاوية التي أحرص عليها وللهرب من هذا الوجع القاتل الذي يغمرنا جميعا سأعود للحديث عن الأدب والحرب أو أدب الحرب.
كان الحديث عن الحرب قديما يقتصر على الشعر المليء بالفخر والاعتداد بشن الحروب على الآخرين، لكن الأدب الحديث والسردي بصفة خاصة تحدث كثيرا عن مواجع الحروب وويلاتها.
ربما رواية الحرب والسلام المشهورة كانت انعطافاً قويا للكتابة عن الحرب بهذه الطريقة التي تتحدث عن الناس وتقترب من معاناتهم في مواجهة ما يحدث، وكيفية تأثير ما يحدث في أرض المعركة على حياتهم اليومية.
في الفن والأدب لا تجذبني الأعمال التي تتحدث عما يحدث في أرض المعركة بقدر ما تشدني الأعمال التي تتحدث عن الحياة القريبة منها.
أعترف، هذه الكتابة تشق علي كثيرا، لأنها عن موضوع لا أحبه، لا أفهمه، لا أستوعبه. وأحاول عبر الأدب أن أفعل، وأحاول عبر الأدب أن أجعل الآخر الذي هو أيضا يحتار ولا يفهم أن نفهم سويا.
وفي ظل إعلام يقرر عنا ما يجب أو لا يجب أن نشاهد، أو نقول أو لا نقول، أتحدث هنا عن الإعلام الغربي الذي طالما أشاد بحرية تعبيره بينما كشف لنا الآن عوار ادعاءاته، في ظل هذا الإعلام العالمي المنحاز، يبقى الأدب، يبقى خالدا يحدثنا عن ماذا يحدث في الحروب، وكيف هي مدمرة بشكل مباشر وبشكل غير مباشر.
نحن ننسى، ننسى الصور، ننسى الأحداث، لكن، الأدب العظيم يبقى، والأدب العظيم يخبرنا كم هي الحروب بشعة، وأعترف، أنني ساذجة إذا ظننت أن السلام يمكن أن يغمر العالم، لأن طمع البشر لا حد له، وفي الوقت الذي تعتقد أنك يمكن أن تكون بمنأى عن الحرب، يجرك إليها ما لا تستطيع معه حلا سوى أن تخوضها وأنت تلعنها.




http://www.alriyadh.com/2038763]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]